ترك التعلم قبل البلوغ لا يكون موردا لذلك الحكم العقلي أو الشرعي المتعلق بوجوب التعلم بل بوجوب المعرفة على إطلاقها حتى في اصول العقائد ، إذ لا أقل من التمسك فيه بحديث رفع القلم (١) ، وكونه قرين المجنون والنائم الذي لا يكون ما يصدر عنه من فعل أو ترك منشأ لشيء من الآثار.
وبالجملة : الظاهر أن الصبي لا يجب عليه التعلم سواء قلنا إنه شرعي من باب متمم الجعل أو قلنا إنه عقلي طريقي ، فانه لا يصحح عقابه على ما يأتي من التكاليف ، لاطلاق رفع القلم عنه الموجب أنه لا يترتب على أفعاله وتروكه عقاب. فلا يمكن القول بأن حكم العقل بعدم معذوريته يكون مخصصا لحديث رفع القلم كما افيد فيما حررته عنه قدسسره (٢) ، وكذلك لا يتم ما افيد فيما حررته (٣) من كون جهله الناشئ عن ترك التعلم قبل البلوغ جهل تقصير لا قصور ... إلخ ، فانّ تقصيره منحصر بما إذا تمكن من التعلم بعد البلوغ فتركه اختيارا.
وبالجملة : الظاهر أنه لا أثر لتروك الصبي وأفعاله له حتى في تصحيح العقاب على مخالفة ما يتوجه إليه بعد البلوغ. وما افيد من التخصيص لحديث رفع القلم محل تأمل ، إذ لا مخصص إلاّ هذا الحكم العقلي المدعى وهو عدم معذورية الجاهل ، وقد عرفت أنه لا يجري في حق من كان منشأ جهله هو عدم التعلم قبل البلوغ مع فرض كونه غير متمكن منه بعده.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٥ / أبواب مقدمة العبادات ب ٤ ح ١١.
(٢) في صفحة : ١٩٢ [ منه قدسسره ويقصد به تحريراته المخطوطة ].
(٣) في صفحة : ١٩٨ [ منه قدسسره ويقصد به تحريراته المخطوطة ].