حصول النجاسة فيمكن الرجوع في ذلك إلى أصالة البراءة.
وبالجملة : أن المسببات الشرعية تختلف ، وليس كل منها على وتيرة الطهارة من الحدث بالنسبة إلى أفعال الوضوء.
أما باب الوضوء فالوجوه فيه ثلاثة ، الأول : كون الواجب هو نفس الأفعال التي تضمنتها الآية الشريفة ، فيكون حاله حال سائر الواجبات المركبة ، وتجري فيه قاعدة الميسور كما يجري في مشكوكاته حديث الرفع.
الثاني : كون تلك الأفعال علة لأمر تكويني وهو صفاء النفس ، ويكون المأمور به هو ذلك المعنى النفساني المعلول للأفعال الوضوئية ، وحينئذ لا تجري في أفعال الوضوء قاعدة الميسور ، ويكون المرجع عند الشك في اعتبار المضمضة مثلا هو الاحتياط.
والظاهر (١) أن الحال كذلك لو قلنا بأن المسبب هو ذلك الأمر الشرعي الاعتباري أعني الطهارة من الحدث ، إذ أنه حينئذ لا مورد فيه لقاعدة الميسور ، كما أنه لا مورد فيه للبراءة الشرعية عند الشك ، فراجع ما حررناه في التعليق على العروة في مباحث وضوء الجبيرة وتأمل.
قوله ـ فيما حكاه عن الشيخ قدسسره ـ : فأجاب قدسسره : بأنه لا إشكال في وجود الغرض في الأمر إلاّ أن الشك في كونه بحيث يسقط من دون التعبد أو لا ، فيكون المقام من قبيل دوران الأمر بين المتباينين فلا بدّ من الاحتياط. والتحقيق ـ إلى قوله : ـ فالمرجع هي البراءة ، لرجوع الشك فيه إلى الشك بين الأقل والأكثر ... إلخ (٢).
لا يخفى أن الكلام في الوجه الثاني وهو الاختلاف بين الأمر التعبدي
__________________
(١) [ لعل هذا هو ثالث الوجوه وان لم يذكره بعنوان الثالث ].
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٨٥.