والملكة ، قاضيا بأن استحالة أحدهما يكون موجبا لاستحالة الآخر ، إذ مع إمكان التقييد لا يكون أحدهما الذي هو التقييد مستحيلا كي يتوجّه عليه أنّ استحالته يستلزم استحالة الإطلاق لنحتاج إلى دعوى إنكار هذه الملازمة.
على أنّا لو سلّمنا هذه الدعوى ، أعني عدم سراية المحالية من التقييد إلى الإطلاق ، وسلّمنا محالية التقييد وقلنا بامكان الإطلاق في مقام الثبوت ، إلاّ أنه لا طريق لنا إلى إثباته ، إذ ليس بأيدينا إلا عدم التقييد المفروض كونه محالا ، وهو لا يدل على أن المتكلم أراد المطلق ، لأن عدم التقييد وكذلك عدم القرينة بل وكذلك عدم الردع إنّما نجعله كاشفا عن الإطلاق أو إرادة الحقيقة أو الإمضاء إذا كان وقوع ذلك ممكنا ، أما إذا فرضنا امتناعه فلا يكون عدمه دالا على شيء ، فلاحظ وتدبر.
والخلاصة : هي أنّه بعد البناء على أن العبادية منوطة بعنوان خاص لم يعرفه المكلفون ولكن الشارع لمّا اطلع على مدخلية ذلك العنوان في تحقق المصلحة الباعثة على الأمر بالفعل الواجد لذلك ، لا بد أن يكون أمره الواقعي وفي مقام الثبوت متعلقا بالفعل الواجد لذلك العنوان ، هذا في التعبدي.
وأما التوصلي ، فهو لمّا اطلع الشارع على عدم مدخلية ذلك العنوان في وفائه بالمصلحة ، فلا جرم يكون أمره متعلقا بذلك الفعل المطلق من حيث وجود ذلك العنوان وعدمه ، فكان كل من التقييد والإطلاق اللحاظيين في مقام الثبوت ممكنا ، وأما في مقام الإثبات فحيث إن المفروض هو جهل المكلفين بذلك العنوان فالشارع لا يمكنه إفهامهم التقييد به ولا الإطلاق من ناحيته ، لكن لمّا كان عنوان قصد داعي الأمر ملازما لذلك العنوان بحيث كان قصد داعي الأمر قصدا إجماليا لذلك العنوان ، انحصر طريق إفهامهم