مضافا إلى أن تحقق القابلية في الجنس موجب لتحققها في النوع وإلاّ لم يكن نوعا من ذلك الجنس ، أما مسألة جهل الانسان بحقيقة الواجب تعالى وعلمه بعد فرض كون تقابلهما تقابل العدم والملكة ، بمعنى كون الجهل عبارة عن عدم العلم ممن يكون من شأنه العلم ، بمعنى عدم العلم ممن يتصور في حقه العلم ، أي عدم العلم ممن يمكن أن يكون عالما بحيث إنه لا يصدق على الجدار مثلا ، فلا ريب في امتناع كل من العلم والجهل بالمعنى المذكور في حق الانسان بالنسبة إليه ، وكيف يمكن أن يقال إن الجهل في حقه ضروري مع فرض كونه بمعنى عدم العلم ممن يمكن في حقه العلم به تعالى.
نعم ، لو أخذنا الجهل بمعنى العدم المحض ، وقلنا إن مقابلته بالعلم من قبيل السلب والايجاب ، لكان نسبته إلى الانسان بالمعنى المذكور أعني السلب المطلق بمكان من الامكان (١) لكن أين هذا من الجهل المأخوذ بمعنى عدم العلم ممن يكون من شأنه عالما ، وكيف يعقل أن يكون الانسان من شأنه أن يكون عالما بذاته تبارك وتعالى ، وهل هذا إلاّ خلف لما قلناه من استحالة كونه عالما بذاته تعالى.
وبعد فرض عدم تحقق القابلية في الانسان تقابل العلم والجهل فيه فمن هو الذي يراه المحشي واجدا لهذه القابلية من الصنف أو النوع أو الجنس كي يكون هذا المثال مصدّقا لقوله : إن القابلية المعتبرة فيه لا يلزم أن
__________________
(١) ولا يخفى أنّ هذا لو تم في تقابل العلم والجهل فهو غير جار في محل الكلام الذي هو تقابل الاطلاق والتقييد ، إذ لا مورد يفرض فيه تقابلهما تقابل الإيجاب والسلب بعد فرض كون أصل التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، إلاّ أن يكون ذلك هو العلم بالحكم في قبال باقي القيود التي يكون التقابل فيها بين الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة [ منه قدسسره ].