يحدث له الداعي إلا بايجاد ما يكرهه ذلك الغير من مثل إحداث العجاج في المحل أو إحضار من يكرهه ذلك الغير ، إلى غير ذلك من الأمثلة المختلفة الداخلة تحت جامع واحد ، وهو ما يوجب حدوث الداعي لذلك [ الغير ](١) بالنسبة إلى ذلك الفعل المراد ، ومن جملة ما يوجب حدوث الداعي هو مجرد أمره بالقيام ، وكل ذلك يتوقف على إرادة ثانية من ذلك المريد للقيام تكون متعلقة بذلك الفعل الموجب لحدوث الداعي لذلك الغير ، وتتعقب هذه الارادة المتعلقة بذلك الفعل الموجب لحدوث الداعي حملة النفس عليه وبعدهما يحصل الفعل المذكور.
والخلاصة فيما نحن فيه هي : أنّ إرادة الآمر لفعل عبده المأمور يولّد إرادة تتعلق بأمره به الذي هو فعل اختياري للآمر ، وعن هذه الارادة المتعلقة بالأمر المذكور يتولد طلب نفساني يتعلق بحركة عضلات الآمر نحو الأمر فيأمر ويصدر الأمر لعبده بذلك الفعل ، وحينئذ لم تكن إرادة الآمر مقرونة بطلب نفساني الذي هو حركة النفس نحو الفعل المأمور به. نعم إنّ مجموع هذه الامور ، أعني إرادة الآمر وطلبه النفساني وصدور الأمر هو سعي وطلب وتحصيل للفعل من المأمور ، إلاّ أن ذلك ليس هو طلب نفساني متعلق بفعل المأمور الذي تعلقت به الارادة الأولية من الآمر ، فلاحظ وتدبر.
نعم ، إنّ مجموع هذه الامور سعي وطلب لذلك الفعل الذي تعلقت الارادة به ابتداء ، إلاّ أنّ توسط هذه الامور بين الارادة والفعل المراد مختص بخصوص ما لو كان الفعل المراد فعلا للغير ، فالاحتياج في حصول ذلك
__________________
(١) [ لا يوجد في الأصل ، وإنما أضفناه للمناسبة ].