من باب تنزيل الرجل الشجاع منزلة الحيوان المفترس ، أو تنزيل تارك الكبيرة فقط منزلة تارك الاثنين. أما سلخ اللفظ عن معناه الموضوع له وهو الأخص وإعماله في الأعم من دون أن يكون في البين جري وحمل ، لا صريح ولا ضمني ، كأن تقول : أكرم الضارب وتعني به الأعم من المتلبس ومن انقضى عنه الضرب ، أو تقول : أكرم العادل وأنت تعني به مطلق تارك الكبيرة ، أو تقول : أعط للمصلّي درهما وانت تعني مطلق الصلاة ، فهذا هو التجوّز الذي ينبغي إرادته في المقام ، وهو مبني على كون العموم والخصوص من العلائق المصحّحة للتجوّز.
وفي المقام تأمل حاصله : أنّ مثل هذه الجمل لو نزّلناها على القضايا الحقيقية كان مرجعها إلى الحمل الضمني ، لأن حاصل القضية حينئذ أن كل من وجد وكان ضاربا يكون حكمه كذا ، وهو عين الحمل. نعم في القضية الطبيعية مثل قولك : العادل خير من الفاسق ، ومثل قولك : الظالم رذيل ونحو ذلك ممّا يكون الحكم ناظرا إلى نفس الطبيعة مع قطع النظر عن أفرادها ، يكون من باب الاستعمال ، وأن المستعمل فيه هو الخاص أو هو العام ولا يكون متضمنا للحمل أصلا. أما القضايا الحقيقية فهي متضمنة للحمل كما عرفت ، لكن لا بد من كون المتكلم قد أعمل ذلك اللفظ في المفهوم الكلي ، غايته أنه لاحظ تطبيقه على الأفراد ، ويقع الكلام في ذلك المفهوم الكلي الذي أعمل فيه اللفظ ، فلو كان اللفظ موضوعا للأعم وقد أعمله فيه فلا إشكال ، لكن لو كان موضوعا للخاص وقد أعمله في العام كان من المجاز الاستعمالي لا من باب الحمل والتطبيق. لكن من يدّعي رجوع المسألة إلى صحة الحمل وعدمه يقول إنه لو كان اللفظ موضوعا للخاص فهو لا يستعمل إلاّ في الخاص ، غايته أنّ تطبيقه على فاقد الخصوصية وحمله عليه