مستقلين إلاّ بنحو الاستعمال بالقدر المشترك أو في المجموع المركب منهما ، وكل من ذلك خارج عما هو محل الكلام.
ومنه يظهر لك الخدشة فيما في الحاشية (١) من جعل الاستعمال من قبيل كون اللفظ علامة على إرادة المعنى ، حتى لو قلنا بأنّ حاصل الوضع هو التباني ، فانّه إنّما يكون من قبيل البناء على أنه إذا أراد إحضار المعنى في ذهن فانّما يحضره بذلك اللفظ على وجه يكون إحضاره اللفظ إحضارا للمعنى ، لا أنه من مجرد التباني على التلفظ بذلك اللفظ عند إرادة المعنى ليكون ذكره اللفظ علامة صرفة على أنه أراد المعنى. مضافا إلى أنه لو تمّ كون حاصل الوضع هو جعل اللفظ علامة على إرادة هذا المعنى الذي هو الذهب مثلا ، كان مقتضاه هو أنّه لو أراد كلا من الذهب والباصرة لم يكن ذلك على طبق الوضع الذي هو جعل اللفظ علامة على إرادة الذهب تارة وإرادة الباصرة اخرى ، إذ لم يكن من الواضع التباني على كون ذكر اللفظ علامة على إرادة الاثنين.
وإن شئت قلت : إنّ إرادة الاثنين بارادة واحدة ليس من قبيل استعمال المشترك في الأكثر ، بل هو من الاستعمال في المجموع ، والذي هو محل الكلام هو تعدد الارادة بحيث يكون هذا مرادا مستقلا وذلك مراد مستقل ، فلو قلنا إنّ التباني كان على جعل اللفظ علامة على الارادة الواحدة فلا يدخل فيه جعله علامة على الارادتين ، فتأمل.
وأما التورية فهي من المواراة بمعنى كون المتكلم قاصدا لمعنى بلفظ ظاهره غيره ، نظير ما يذكرونه في لزوم التورية عند الالتجاء إلى الكذب أو
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ٧٦.