فيكون صاحبه منافقاً كافراً في الباطن متظاهراً بالاسلام ، وهو أشدّ من الكفر في الظاهر والواقع. وأخرى في أصول العبادات : كإتيان الواجبات ظاهراً مع تركها في الباطن. وثالثةً في العبادات المندوبة : كالنوافل وقراءة القرآن والأدعية. ورابعةً في أوصاف العبادات : كالإسراع إليها ، وحضور الأمكنة المتبرّكة ، وتحرّي الأزمنة الشريفة ، والحضور في الاجتماعات.
ثمّ إنّه يترتّب على العمل المأتيّ به رياءً في الجملة آثار ، ويتّصف بعناوين كونه كذباً وتلبيساً واستهزاءً وإشراكاً لله تعالى وباطلاً ، فإنّ إراءة ما لغير الله لله تعالى ، كذب عمليّ ، والتخييل إلى الناس بأنّه مطيع لله مخلص له تلبيس لهم ومكر ، وإراءة عمل الناس إليهم بدعوى أنّه من الله مع وقوعه بمرئى من الله ومنظر منه استهزاء.
وجعل ظاهر عمل واحد لله وباطنه للناس إشراك لغيره معه ، وبهذا المعنى يكون كلّ رياء شركاً كما سيأتي ، ولا إشكال في اتّصاف هذا النحو من العمل بالبطلان في أكثر مصاديقه وتفصيل ذلك في الفقه.
ثمّ إنّ اعتياد الانسان بالرياء في عمله وتخلّقه بذلك من أقبح صفات النفس وملكاته ، بل لا صفة أقبح من بعض مصاديقه.
وقد ورد في تحريمه وذمّه آيات : كقوله تعالى في وصف المنافقين : ( وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ) ، (١) وقال : ( لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ) ، (٢) وقال : ( الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ). (٣)
____________________________
١) النساء : ١٤٢.
٢) البقرة : ٢٦٤.
٣) الماعون : ٦ ـ ٧.