كونها أصنافاً كثيرةً مختلفة المراتب كجنود السلاطين ، والاختلاف هنا من حيث استعداد الذات ومختلف الصفات. فالمتجانس والمتشابه منها في الأوصاف يميل بعضها إلى بعض ، والمتخالف فيها يتباعد ويتباغض ، قال تعالى : ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ) (١).
وفي الحديث في أوصافها : « إنّ الروح حياتها علمها ، وموتها جهلها ، ومرضها شكّها ، وصحّتها يقينها ، ونومها غفلتها ، ويقظتها حفظها » (٢).
وفيه أيضاً : « ألناس معادن كمعادن الذهب والفضّة » (٣) أي : كما أنّ أجناس المعادن مختلفة في الصفات والخواصّ والآثار وبها تختلف قيمتها ورغبات الناس فيها فكذلك أرواح الناس فهم مختلفون في الصفات والحالات والملكات تتجلّى أنوار الطّيبات منها من أفق الأبدان وتظهر ثمراتها من أفنان الأعضاء. وتترائى كدورة الخبائث منها وظلماتها من وراء الأقوال والأفعال.
الأمر السابع : قال الصدوق رحمهالله : اعتقادنا في الروح أنّها خلقت للبقاء لا للفناء ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما خلقتم للفناء ، بل خلقتم للبقاء ، وإنّما تُنقلون من دارٍ إلى دار » (٤). واعتقادنا فيها أنّها إذا فارقت الأبدان فهي باقية ، منها منعّمة ومنها معذّبة إلى أن يردّها الله إلى أبدانها ، قال الله تعالى : ( وَلَا
____________________________
١) النور : ٢٦.
٢) بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص ٤٠.
٣) بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص ٦٥ ـ مرآة العقول : ج ٩ ، ص ٢٥ ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ، ص ٣٨٠.
٤) بحار الأنوار : ج ٦ ، ص ٢٤٩.