عليه ، وعرّفنا أوصياء نبيّه لا سيما خاتمهم وقائمهم والمستور عن عوالمهم ولم يجعل موتنا ميتةً جاهليّةً ، ورزقنا معرفة كلامه وسنّة نبيّه وأحاديث أوصيائه المعصومين ، كلّ ذلك بمقدار ما تيسّر على عقولنا فهمه وعلى ألبابنا دركه ، فإنّه تعالى أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها ، فحمداً له كثيراً على آلائه ، وشكراً له وافراً على نعمائه ، وأنّى لنا بأداء شكره ، والشكر له يحتاج إلى شكر ، وكلّما قلنا : له الحمد وجب أن نقول لذلك : له الحمد.
الأمر الثّاني : أنّه تتعسّر أو تتعذّر للانسان معرفة مسائل علم الأخلاق وتميّز محاسن صفات الإنسان عن مساويها بتحصيلها من غير الطرق التي عيّنها خالقه وبارئه ومبدعه ومصوّره ومودع الطبائع والسجايا فيه ، وهي الطرق التي أوحاها إلى أنبيائه عليهمالسلام بإبلاغ دينه وشرائعه ، فقد بيّن فيها ما هو كمال النفوس الانسانّية وما هو جمالها وجلالها ، وما يكون موصلاً لها إليه من الأصول الاعتقاديّة والفروع العملية ، وذلك لأنّه لا يعرف الإنسان كما يليق بذاته واستعداده ، ولا يقدر على تربيته وإيصاله إلى كماله الحريّ بشأنه إلّا أنبيائه وأوصيائه الذين خلقهم الله لرحمته واصطنعهم لنفسه ، واصطفاهم لسفارة خلقه وهداية عباده ، ليكلّموهم بتعليم الأصول والعمل بالفروع حتّى تتمّ لهم مكارم الأخلاق.
وقد علم بذلك أنّ
جميع ما تحويه الشرائع السماويّة من القوانين الدخيلة في تربية الإنسان ترجع إلى أمور ثلاثة : الأصول الاعتقاديّة :