بالصورة البرزخيّة والأخرويّة ، حيث أنّ إصلاح صورة النفس في الدنيا وتحصيل الفضائل لها وإزالة الرذائل عنها بيد الإنسان ، وللعقائد الباطنة من الكفر والإيمان وللأعمال الظاهرة من الطاعة والعصيان دخلاً وافراً في تلك الصفات والملكات فلا جرم تكون الصور البرزخيّة والأخرويّة في تشكّل هيئتها وحسن منظرها وبياضها وقبح مظهرها وسوادها بيد الإنسان ، فله أن يشكّلها بأيّ شكل أراد ويصوّرها بأية صورة شاء ، غير أنّه يبقى في الشخص شيء من وصفه الكمّيّ أو الكيفيّ السابق ، ليتعارف به في تلك النشأة في أبناء نوعه كما في « الكاريكاتور » ، قال تعالى : ( يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ) (١).
ثّم إنّه قد يطلق حسن الخلق ويراد به حسن العشرة مع الناس من الأقارب والأباعد بطلاقة الوجه وحسن اللقاء وطيب الكلام ، وجميل المخالطة والمصاحبة ورعاية الحقوق وإعمال الرأفة والإشفاق ونحو ذلك.
وقد يطلق ويراد به : حسن جميع الأوصاف النفسيّة الدخيلة في حسن الهيئة البرزخيّة أو الأخرويّة ، وهو الذي يصعب تحصيله ، ولا يتحقّق إلّا لأولياء الله تعالى والأوحديّ من الناس ، ولذا قيل في تعريف هذه الصفة بأنّها : حالة نفسانيّة يتوقّف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانيّة بعضها ببعض ، فهي حسن الصورة الباطنة التي هي صورة الناطقة ، كما أنّ حسن الخلق هو الصورة الظاهرة وتناسب الأجزاء ، إلّا أنّ حسن الصورة الباطنة قد يكون مكتسباً ، ولذا تكرّرت الأحاديث في الحثّ به وبتحصيله (٢).
هذا ، وأدلّة الباب وأخبارها توضح المراد من حسن الخلق بالتأمّل فيها.
فقد ورد في الكتاب الكريم خطاباً للنّبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( إِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ
____________________________
١) يونس : ٤٥.
٢) راجع البحار : ج ٧١ ، ص ٣٧٢.