مفسدة ويكون المصلحة في كون الفعل على الوقف (١).
وثالث : إلى الحكم بالجواز والترخيص المطلق في مرحلة الظاهر ونفي العقاب من جهة العقل بملاحظة حكمه بقبح العقاب من غير بيان ، وهذا غير حكمه بالإباحة الخاصّة في مرحلة الظاهر ، أو الواقع.
وممّا ذكرنا كله يظهر : أنّ التنزّل عن القول بالحظر مع اختيار القول بالوقف ، لا يجدي في المقام أصلا ، وإنّما يجدي في ردّ القول بكون الأشياء على الإباحة ، فإن المقصود الاستدلال لوجوب الاحتياط لا مجرّد نفي القول بالإباحة العقليّة ، فما أفاده قدسسره في تقريب الوجه المذكور بقوله : « ولو نزّلنا عن ذلك فالوقف » لا يستقيم بظاهره إلاّ أن يكون هناك ملازمة بينه وبين وجوب الاحتياط عقلا وهو ممّا لا معنى له على هذا القول إلاّ بتكلّف فتدبر.
ثمّ إن القول بالإباحة الخاصّة الظاهريّة في الأشياء عند العقل أشكل من القول بالإباحة الواقعيّة عنده المتوقّفة على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة وفقدانها في فعل ؛ لأن الحكم بالإباحة إنما هو من جهة فقدان الفعل حقيقة الجهات المذكورة ، لا من جهة وجدانه ما يقتضيها فالمباح كالممكن ، وإلاّ لم يعقل صيرورة المباح واجبا بالعرض مثلا أو حراما كذلك ، إلاّ بدعوى غلبة إحدى الجهتين بعد تصادمهما.
__________________
(١) عدّة الأصول : ج ٢ / ٧٤٢ ـ ٧٤٣.