نعم ، لو توجّه ضرر إلى الغير ابتداء ، لم يجب صرفه عنه بتحمّل الضّرر ، ففي موارد الإكراه بإضرار الغير ، يحكم بجوازه من حيث إن الضّرر متوجّه إلى الغير ابتداء بمقتضى إرادة المكره ـ بالكسر ـ لا إلى المكره ـ بالفتح ـ فلا يجب عليه تحمّل الضّرر إلاّ فيما دلّ دليل عليه كما في الدّماء وسبّ الأولياء « صلوات الله عليهم » ، وإن كان مقتضى غير واحد من الأخبار جواز السّب لدفع الضّرر والقتل دون البراءة عنهم (١) ، وأفتى به جمع من الأصحاب وتحقيق المسألة
__________________
(١) أنظر نهج البلاغة : الخطبة ٥٧ عنه وسائل الشيعة : ج ١٦ / ٢٢٨ باب «٢٩» من أبواب الأمر والنهي ـ ح ١٠.
وفي خبر مسعدة بن صدقة : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الناس يروون أن عليّا عليهالسلام قال ـ على منبر الكوفة ـ :
أيّها الناس إنّكم ستدعون إلى سبّي فسبّوني ثم تدعون إلى البراءة منّي فلا تبرءوا منّي.
فقال عليهالسلام : ما أكثر ما يكذب الناس على عليّ. ثم قال : إنّما قال : ستدعون إلى سبّي فسبّوني ثم تدعون إلى البراءة منّي وإنّي لعلى دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يقل : لا تبرءوا منّي.
فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة؟
فقال : والله ما ذاك عليه ولا له إلاّ ما مضى عليه عمّار بن ياسر حيث اكرهه أهل مكّة وقلبه مطمئن بالإيمان فأنزل الله تعالى : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [ النحل : ١٠٤ ].
فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عندها : يا عمّار إن عادوا فعد ».
أنظر الوسائل : ج ١٦ / ٢٢٥ باب «٢٩» من أبواب الأمر والنهي ـ ح ٢.