ولذا ذكروا : أن المستنتج من البرهان المعروف الذي يترتّبه (١) المجتهدون هو العلم بالحكم الظاهري ، ووجّهوا به أخذ العلم بالحكم في تعريف الفقه ـ في دفع الإيراد عليه بكون أكثر مباديه ظنّيّة ـ : بأن المراد بالحكم أعم من الظاهري والواقعي فلا ينافي أخذ العلم في حد الفقه.
وإلى ذلك يشير قوله قدسسره بعد ذلك : « ولذا اشتهر أن علم المجتهد بالحكم مستفاد من صغرى وجدانيّة وهي : هذا ما أدّى إليه ظنّي. وكبرى برهانية وهي : كلّما أدّى إليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي. فإن الحكم المعلوم منهما هو الحكم الظاهري » (٢) ؛ فإن صريحه كون الحكم الظاهري أعم من مفاد الأصول.
وإن كان ربّما يوهم قوله قبل ذلك في بيان الفرق بين الأصل والدليل كون الحكم الظاهري مختصّا بمفاد الأصل ، كظاهر ما يتراءى منه ذلك في باب الاستصحاب.
ومن هنا قيل : إن للحكم الظّاهري إطلاقين عنده أعمّ وأخص. ولكن المتأمّل يشهد بأن مراده ليس تخصيص مطلق الحكم الظاهري بمفاد الأصل ، بل تخصّص ما لا يلاحظ في تعلّقه بالموضوع المجهول الحكم الكشف الظنّي عن الواقع ولكن الأمر في ذلك سهل.
__________________
(١) كذا والصحيح : يرتّبه.
(٢) فرائد الأصول ج ٢ / ١٣.