نعم ، يمكن أن يكون الوجه فيه ما يشير إليه بعد ذلك من دليل الانسداد الجاري في خصوص المقام بعد الفراغ عن الوجه الثّالث بقوله : « ولا بدّ من العمل به لأنّ التكليف بالتّرجيح بين المتعارضين ثابت ... إلى آخر ما أفاده » (١).
وإن ناقشه بقوله : « ولكن لمانع أن يمنع وجوب التّرجيح ... إلى آخره » (٢) ولعلّنا نتكلّم في هذا الوجه بعد ذلك.
(٨٦) قوله قدسسره : ( فمنها : ما دلّ على التّرجيح بالأصدقيّة ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٦١٠ )
أقول : لمّا كان الصّدق غير قابل للتّفصيل فلا بدّ أن يكون المراد من الأصدقيّة في الحديث هي الأقربيّة إلى الواقع ، وبعد إلقاء خصوصيّة الأقربيّة الحاصلة من صدق الرّاوي وكثرة مطابقة خبره للواقع ، يدلّ على لزوم التّرجيح بكلّ ما يوجب الأقربيّة إلى الواقع من غير فرق بين المرجّح الدّاخلي والخارجي هذا.
ولكن قد يناقش فيما أفاده : بأنّ ملكة الصّدق في الرّاوي كملكة العدالة يمكن أن يكون لها جهة موضوعيّة ، وإن كانت لها جهة طريقيّة دائما. فإذا حكم الشّارع بلزوم العمل بخبر الصّادق فلا يكون المراد منه إلاّ من كان له ملكة الصّدق ، لا من طابق خبره الواقع ؛ فإنّه غير قابل لتعلّق الجعل الشّرعي به. ولا من كان يظنّ
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٦١٧.
(٢) فرائد الاصول : ج ١ / ٦١٨.