من جعل أصالة عدم الاعتناء بالظّن دليلا على اعتباره.
وبعبارة رابعة : المقام نظير ما لو علم إجمالا بحجيّة بعض الأمارات القائمة على المسائل الفقهيّة من حيث الخصوص ، أو من باب الظّن المطلق على تقدير إهمال النّتيجة ؛ فإنّ الأخذ بالمتيقّن منها على تقدير كفايته ، أو بالجميع من باب الاحتياط ، لا ينافي كون الأصل في الظّن عدم الحجيّة. فإذا كان الرّاجح متيقّن الحجيّة على كلّ تقدير والمرجوح مشكوك الحجيّة ، لم يناف الحكم بتعيّن الأخذ بالرّاجح من حيث تيقّنه ، أو الاحتياط كون الأصل الأوّلي في الظّن عدم التّرجيح به.
وهذا الكلام وإن لم يخل عن نقض وإبرام ، إلاّ أنّه غاية ما يخطر بالبال في دفع الإشكال وعليك بالتّأمّل فيه ؛ فإنّه غير نقيّ عن الإشكال ولم أقف على من تعرّض له ولدفعه إلاّ شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره في مجلس المذاكرة ببعض التّقريرات الّتي عرفتها وقد طال البحث بيني وبينه في هذا المقام ، ولعلّني أتكلّم فيه زيادة على ذلك في بحث التّعارض على ما يساعدنا التّوفيق من الّذي بيده ملكوت كلّ شيء وهو على كلّه قدير تعالى شأنه.
ثمّ إنّ ما أفاده قدسسره في دفع توهّم عدم كلّية قاعدة الشّغل في المقام ـ نظرا إلى وقوع التّعارض أحيانا بين الاحتياط في المسألة الأصوليّة والمسألة الفرعيّة ، بل يحكم بترجيح الاحتياط في الثّانية على الأولى في المقام كما سبق التّنبيه عليه في معمّمات نتيجة دليل الانسداد على ما في « الكتاب » من بيان التّوهّم بقوله :