ابن حنيف الأنصاري غدرا فمثلوا به كل المثلة ، ونتفوا كل شعرة في رأسه ووجهه ، وقتلوا شيعتي ، طائفة صبرا ، وطائفة غدرا ، وطائفة عضوا بأسيافهم حتى لقوا الله ، فو الله لو لم يقتلوا منهم إلا رجلا واحدا لحل لي به دماؤهم ودماء ذلك الجيش لرضاهم بقتل من قتل ، دع مع أنهم قد قتلوا أكثر من العدة التي قد دخلوا بها عليهم ، وقد أدال الله منهم (١) ( فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ، فأما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله ، وأما الزبير فذكرته قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنك تقاتل عليا (ع) وأنت ظالم له (٢) ، وأما عائشة فإنها كان نهاها رسول الله صلىاللهعليهوآله عن مسيرها فعضت (٣) يديها نادمة على ما كان منها. وقد كان طلحة لما نزل ذا قار (٤) قام خطيبا فقال : يا أيها الناس! إنا أخطأنا في عثمان خطيئة ما يخرجنا منها إلا الطلب بدمه ، وعلي قاتله ، وعليه دمه. وقد نزل دارن (٥) مع شكاك اليمن ونصارى ربيعة ومنافقي مضر ، فلما بلغني قوله وقول كان عن الزبير فيه (٦) ، بعثت إليهما أناشدهما بحق محمد صلىاللهعليهوآله (٧) ما أتيتماني وأهل مصر محاصرو عثمان ، فقلتما : اذهب بنا إلى هذا الرجل فإنا لا نستطيع قتله إلا بك ، لما تعلم أنه سير أبا ذر رحمهالله ، وفتق عمارا ، وآوى الحكم بن أبي العاص ـ وقد طرده رسول الله صلى الله
__________________
(١) قال في الصحاح ٤ ـ ١٧٠٠ : وأدالنا الله من عدونا من الدولة ، والإدالة : الغلبة ، يقال : اللهم أدلني على فلان وانصرني عليه. وفي المصدر : أزال الله منهم.
(٢) وهي رواية مشهورة من الطريقين. انظر بعض مصادرها في الغدير ٣ ـ ١٩١ وغيره.
(٣) في ( ك ) : فغضت ، قال في القاموس ٢ ـ ٣٣٧ : عضضته وعليه ـ كسمع ومنع ـ عضا وعضيضا : أمسكته بأسناني أو بلساني. وقال : بعد صفحة : غض طرفه .. : خفضه ، واحتمل المكروه.
أقول : لا يخفى مناسبة الأول وبعد الثاني.
(٤) ذو قار : ماء لبكر .. قاله في مراصد الاطلاع ٣ ـ ١٠٥٥ ـ ١٠٥٦. وانظر : معجم البلدان ٤ ـ ٢٩٣ ـ ٢٩٥.
(٥) لم نجد لهذه البلدة في معجم البلدان ومراصد الاطلاع ذكرا ، وليس في الأسماء المقاربة لها ما يناسب المقام ، ولعل النون زائدة ، فتدبر ، أو لعلها : دارا.
(٦) في المصدر : قبيح ، بدلا من : فيه.
(٧) في كشف المحجة : بحق محمد وآله.