بعد هذا مقال لقائل؟!.
فبايع عمر دون المشورة فكان مرضي السيرة (١) من الناس عندهم ، حتى إذا احتضر قلت في نفسي : ليس يعدل بهذا الأمر عني ، للذي قد رأى مني في المواطن ، وسمع من الرسول صلىاللهعليهوآله ، فجعلني سادس ستة وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ، ودعا أبا طلحة زيد بن سعد الأنصاري فقال له : كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة ، فالعجب من اختلاف (٢) القوم إذ زعموا أن أبي بكر (٣) استخلفه النبي صلىاللهعليهوآله ، فلو كان هذا حقا لم يخف على الأنصار فبايعه الناس على الشورى ، ثم جعلها أبو بكر لعمر برأيه خاصة ، ثم جعلها عمر برأيه شورى بين ستة ، فهذا العجب من اختلافهم ، والدليل على ما لا أحب أن أذكر قول (٤) هؤلاء الرهط الذين قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو عنهم راض ، فكيف يأمر بقتل قوم رضي الله عنهم ورسوله؟!. إن هذا الأمر (٥) عجيب ، ولم يكونوا لولاية أحد منهم أكره منهم لولايتي! كانوا يسمعون وأنا أحاج أبا بكر وأنا أقول : يا معشر قريش! أنا أحق بهذا الأمر منكم ، ما كان منكم من يقرأ القرآن ، ويعرف السنة ، ويدين دين الحق (٦) ، وإنما حجتي أني ولي هذا الأمر من دون قريش ، أن نبي الله صلىاللهعليهوآله قال : الولاء لمن أعتق ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله بعتق (٧) الرقاب من النار ، وأعتقها من الرق ، فكان للنبي صلىاللهعليهوآله ولاء هذه
__________________
(١) الشورة ، بدلا من : السيرة ، نسخة جاءت في ( ك ).
(٢) نسخة في (س) : خلاف.
(٣) كذا في مطبوع البحار والمصدر ، والصحيح : أن أبا بكر.
(٤) في (س) نسخة : قوله.
(٥) في (س) : لأمر.
(٦) في المصدر : دين الله الحق.
(٧) في كشف المحجة : يعتق.