ـ دعني أسأل غرفة القيادة وأعود في الحال .
ذهب المضيف ليسأل غرفة القيادة ، فتذكرت أني يجب أن أسأله عن شيء ما أضعه على أرضية الطائرة وأصلي عليه .
وحين عاد ومعه جواب لسؤالي عن القبلة ، استأذنته أن يحضر لي شيئاً ما أصلي عليه ، قطعة قماش ، جريدة مثلاً .
فأحضر لي شرشفاً فرشته على أرضية الطائرة وصليت صلاة الظهر ، ثم صلاة العصر ، ركعتين ركعتين ، قصراً متوجهاً الى القبلة ، ثم سبَّحت تسبيح الزهراء ( ع ) ؛ فكبرت الله أربعاً وثلاثين مرة ، ثم حمدته ثلاثاً وثلاثين مرة ، ثم سبَّحته ثلاثاً وثلاثين مرة ، وحين انتهيت من تسبيح الزهراء ، شكرت الله ، وعدت ثانية لمقعدي وأنا بشعور آخر وقناعة أخرى ، فقد كنت أظن أن الصلاة في الطائرة متعبة ، وأنها ربما ستحرجني أمام أعين النظار ، غير أني كنت مخطئاً .
فقد تبيَّن لي أن الصلاة تكسبني احتراماً خاصاً ، وتضفي عليَّ هيبة محبَّبة لحظتها واضحة حتى في أعين غير المسلمين ممن كانوا معي على متن الطائرة ، بما في ذلك طاقم الطائرة نفسه .
وبينما كنت مستغرقاً في تأملاتي ، إذ قطع علي صوت المذيع تسلسل أفكاري معلناً بدء تقديم وجبة الغداء .
توزعت على الفور مضيفات الطائرة يسألن الركاب ما إذا كانوا يفضِّلون نوعاً معيناً مما تضمنته قائمة الطائرة من الطعام .