دون استلزامه التكلم كما في بعضها (١) أو استدبار القبلة كما في بعضها الآخر (٢). والظاهر أنهما من باب المثال والجامع أن لا تكون إزالة النجاسة مستلزمة لشيء من منافيات الصلاة. وكيف كان ، فقد دلّتنا هذه الأخبار على أن حدوث النجاسة في أثناء الصلاة لا يبطلها فيما إذا أمكنت إزالتها ، وذلك لأن الأجزاء السابقة على الآن الذي طرأت فيه النجاسة وقعت مع الطهارة بالعلم أو باستصحاب عدم طروها إلى آن الالتفات ، والأجزاء الآتية أيضاً واجدة للطهارة لأن المفروض أنه يزيل النجاسة الطارئة في أثنائها ، وأما الآن الحادث فيه النجاسة فهو وإن كان قد وقع من غير طهارة إلاّ أن الأخبار الواردة في الرعاف صريحة في أن النجاسة في الآنات المتخللة بين أجزاء الصلاة غير مانعة عن صحتها ، ومن جملة تلك الأخبار صحيحة زرارة المتقدمة حيث ورد فيها : « وإن لم تشك ثم رأيته رطباً قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شيء أوقع عليك ، فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك أبداً » (٣) إذ المراد برؤية الدم رطباً هو عدم العلم بطروّه قبل الصلاة وإلاّ فالعادة تقضي بيبوسته. وقوله عليهالسلام : « لعله شيء أوقع عليك » كالصريح في أن طرو النجاسة في أثناء الصلاة غير موجبة لبطلانها ، بلا فرق في ذلك بين العلم بحدوثها في أثناء الصلاة وبين الشك في ذلك ، لأن مقتضى الصحيحة أن الطهارة المعتبرة في الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية ، فاذا احتمل طروّها قبل الصلاة فله أن يستصحب عدم حدوثها إلى آن الالتفات ، وبه تحرز الطهارة الظاهرية التي هي شرط الصلاة ، فما ذهب إليه المشهور في هذه الصورة هو الصحيح.
وأمّا الصورة الثالثة : وهي ما إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة مع العلم بطروها قبل الصلاة فقد عرفت أن المشهور صحّة صلاته إذا تمكّن من إزالة النجاسة في
__________________
(١) راجع صحيحة محمد بن مسلم وغيرها من الأخبار في الوسائل ٧ : ٢٣٨ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢ ح ٤ ، ٦ ، ٩.
(٢) راجع صحيحة عمر بن أذينة وما رواه الحميري عن علي بن جعفر في الوسائل ٧ : ٢٣٨ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢ ح ٣ ، ١٨.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٨٢ / أبواب النجاسات ب ٤٤ ح ١.