إنما يثبت بشهادة أربعة عدول. وإنما الكلام في اعتباره في غير هذين الموردين ، فهل خبر العدل الواحد تثبت به الموضوعات الخارجية على وجه الإطلاق حتى يمنع من اعتباره دليل أو لا اعتبار بخبره في ثبوتها وإن كان معتبراً في بعض الموارد الخاصة؟
التحقيق أن خبر العدل الواحد كالبينة يعتبر في الموضوعات الخارجية كما يعتبر في الأحكام ، والوجه فيه أن عمدة الدليل على حجية خبر العدل في الأحكام إنما هي السيرة العقلائية القائمة على الأخذ بأقوال الموثقين فيما يرجع إلى معاشهم ومعادهم ، وقد أمضاها الشارع بعدم الرّدع عنها ، ومن الظاهر عدم اختصاص سيرتهم هذه بباب دون باب ، لأنّ حال الموضوعات الخارجية والأحكام عندهم على حد سواء ، وقد جرت سيرتهم على الركون والاعتماد على أخبار الثقات في جميع ما يرجع إلى معاشهم ومعادهم ، وبها يثبت اعتبار خبره في الموضوعات التي منها بولية مائع أو تنجسه ونحوهما.
ويؤيده ما ورد من النهي عن إعلام المصلي بنجاسة ثوبه بقوله عليهالسلام : « لا يؤذنه حتى ينصرف » (١) نظراً إلى أنّ إخبار العدل الواحد لو لم يكن معتبراً في مثلها لم يكن لمنعه عن أخبار المصلِّي بنجاسة ثوبه وجه صحيح ، ونظيرها ما ورد في توبيخ من أخبر المغتسل بعدم إحاطة الماء جميع بدنه حيث قال عليهالسلام : « ما كان عليك لو سكت » (٢) ولا وجه له إلاّ ثبوت المخبر به باخبار العدل الواحد.
وقد يقال كما قيل إنّ رواية مسعدة بن صدقة رادعة عن السيرة العقلائية في الموضوعات الخارجية ، وذلك لأنه عليهالسلام بعد ما حكم في الرواية بحلِّية الأشياء المشكوك فيها قال : « والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين أو تقوم به البيِّنة » (٣) حيث حصر المثبت في الموضوعات الخارجية بالعلم والبيِّنة ، ومنه يظهر أنّ خبر العدل الواحد لا اعتبار به في الموضوع الخارجي.
ويندفع ذلك مع الغض عن ضعف سندها بمسعدة أنّ البيِّنة في الرواية لم يرد
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ٣ : ٤٨٧ / أبواب النجاسات ب ٤٧ ح ١ ، ٢.
(٣) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤.