وأما ما ذكره من النقض ، فهو لا يدل على المدعى من جهتين :
الأولى : ان استناد العقد أو الإيقاع إلى المالك مما هو مأخوذ في موضوع أصالة الصحة ، لأن مفاد أصالة الصحة مفاد : ( أوفوا ) في قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ، وظاهر أنه قد أخذ في موضوع الوفاء استناد العقد إلى المالك كما أخذ في موضوعه العقد ، لظهور الكلام في ذلك عرفا بحيث لا يكون ما يدل على عدم نفوذ بيع غير المالك مخصصا لعموم : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ).
وعليه ، فعدم جريان أصالة الصحة انما هو لأجل عدم إحراز موضوعها وهو العقد المستند إلى المالك ، لا من جهة قيام السيرة على عدم جريانها عند الشك في القابلية.
الثانية : أن حصول الأثر وترتبه في المثالين يتوقف على إحراز المالك أو الزوج استناد المعاملة إليه ، لا من جهة كون الاستناد مأخوذا في موضوع النفوذ ، بل من جهة أن المالك انما يجب عليه تسليم الدار للمشتري إذا صدر منه العقد ، وهكذا الزوج. وأصالة الصحة في العقد الواقع لا تثبت خصوصية استناد العقد إلى المالك كي يجب على المالك ترتيب الآثار ، بل هي أجنبية عن المالك.
وبالجملة : عدم جريان أصالة الصحة في المثالين ليس لأجل قيام السيرة على عدم ترتيب الآثار عند الشك في القابلية ، بل هو من جهة خصوصية في المقام ، فلا يرد النقض بهما.
وعلى هذا ، فالالتزام بجريان الأصل المزبور عند الشك في مطلق الشرائط الشرعية المعتبرة في العقد أو في غيره مع إحراز الشرائط العرفية للعقد مما لا إشكال فيه ، لتمامية الدليل ، وهو السيرة واختلال النظام ، سواء قلنا بان صحة العقد مفاد قضية تعليقية ـ كما هو شأن المقتضيات أجمع ـ وان الأصل يجري في المسبب ـ كما ذهب إليه المحقق العراقي على ما عرفت ـ. أو قلنا بان للعقد صحة أخرى هي التي تكون مجرى الأصل لا تلك ، وهي صحة فعلية منتزعة عن تأثيره وترتب الأثر