الطير ، فخرج الطير إلى الدار فخرج في أثره ، فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان ، فاطّلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل ، فلمّا نظر إليها هواها ، وكان أوريا قد أخرجه ـ يعني داود عليهالسلام ـ في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدّمْ أوريا أمام الحرب ، فقدّم فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب ثانية أن قدّمه أمام التابوت فقدّم ، فَقُتِل أوريا رحمهالله ، وتزوّج داود بامرأته.
قال : فضرب الرضا عليهالسلام بيده على جبهته ، وقال : ( إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )(١)لقد نسبتم نبيّاً من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتّى خرج في أثر الطير ثمّ بالفاحشة ثمّ بالقتل ، فقال يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته ؟ فقال عليهالسلام : ويحك إنّ داود إنّما ظن أن ما خلق الله خلقاً هو أعلم منه ، فبعث الله عزّوجلّ إليه الملكين فتسوّرا المحراب ، فقالا : ( خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ )(٢)فعجّل داود عليهالسلام على المدّعي عليه فقال : ( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ )(٣)ولم يسأل المدّعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدّعى عليه ، فيقول : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة حكمه ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع قول الله عزّوجلّ : ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن
___________
(١) سورة البقرة : ٢٢ / ١٥٦.
(٢) سورة ص : ٣٨ / ٢٢ ـ ٢٣.
(٣) سورة ص : ٣٨ / ٢٦.