استدلّ الشيخ المفيد بهذه الآية على عصمة من اتّصف بالصدق في هذه الآية.
قال الشيخ المفيد رحمهالله : « قد ثبت أن الله سبحانه دعا المؤمنين في هذه الآية إلى اتّباع الصادقين والكون معهم فيما يقتضيه الدين ، وثبت أن المنادى به يجب أن يكون غير المنادى إليه لاستحالة أن يدعى الإنسان إلى الكون مع نفسه واتباعها .. ».
ثمّ فصل في كلام طويل عدم دلالة الآية على اتباع جميع من صدق لأنّ ذلك يوجب اتباع الإنسان نفسه لأنّ كلّ مؤمن صادق ، وإنّما المقصود بعض الصادقين المعهودين أو غير المعهودين ، فإن كان معهودين فتكون الألف واللّام للعهد فيجب أن يكونوا معروفين ، الآمر الذي دلّت عليه الروايات وبيّنت أسماءهم وأشارت إليهم خاصة ، وإن كانوا غير معهودين فلابدّ من الدلالة عليهم ليتميّزوا ممن يدعي زوراً مقامهم وألا يطلق الحجّة لهم وسقط تكليف اتباعهم ، وإذا ثبت أنّه لابدّ من الدليل عليهم ولم يدع أحد من الفرق دلالتها على غيرهم عليهمالسلام ، ثبت أنّها فيهم خاصة ، لفساد خلو الأُمّة كلّها من تأويلها وعدم أن يكون القصد إلى أحد منهم بها.
ثمّ قال : « على أنّ الدليل قائم على أنّها فيمن ذكرناه ، لأنّ الأمر ورد باتباعهم على الاطلاق وذلك يوجب عصمتهم وبراءة ساحتهم والأمان من زللهم بدلالة إطلاق الأمر باتباعهم ، والعصمة توجب النص على صاحبها بلا ارتياب ، وإذ اتّفق مخالفونا على نفي العصمة والنص عمن ادّعوا له تأويل هذه الآية ، فقد ثبت أنّها في الأئمّة عليهمالسلام لوجود النقل بالنص عليهم وإلّا خرج الحقّ عن أُمّة محمد صلىاللهعليهوآله ، وذلك فاسد » (١).
___________
(١) الفصول المختارة ( للسيد المرتضىٰ ) من كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد : ١٣٧ ـ ١٣٨.