مستقلا ، وهذا خلف (١).
ولكن هذا التعليل عليل ، وهو ناش من الخلط بين مقام الجعل ، ومقام تعلق القطع بشيء ، بيان ذلك : ان من ينظر إلى الكتاب بواسطة نظارته يغفل عن نظارته وانما نظره المستقل متعلق بالكتاب الّذي جعل النظارة طريقا إليه ، ولكن الشخص الّذي ينظر إلى هذا الناظر ويرى كاشفية وآلية النظارة ، يستطيع ان يتعلق نظره مستقلا وغرضه بالنظارة ذاتها من دون ان يكون للكتاب أي دخل فيه.
وفي ما نحن فيه من هذا القبيل ، فان من يتعلق نظره الاستقلالي بالمقطوع ويغفل عن القطع هو القاطع نفسه ، إذ كون القطع طريقا لديه يلازم لحاظه آلة وبنحو المرآتية (٢) ، اما الجاعل الّذي يريد ان يجعل حكما على هذا القطع له ان يقصر نظره على القطع ، بمعنى انه يرتب الحكم على القطع بلحاظ كشفه لكن من دون ان يكون لوجود المتعلق في الخارج أي أثر ، لتمكنه من لحاظ القطع بنحو الاستقلال لا الآلية والمرآتية ، نظير من ينظر إلى المرآة لا ليرى صورته بها ، بل ليرى جودتها وجنسها. فظهر لك الخلط بين المقامين.
وعلى هذا فلا مانع من أخذ القطع بنحو الطريقية تمام الموضوع بان لا يكون للمصادفة أي دخل في ثبوت الحكم.
الجهة الثانية : في قيام الأمارات والأصول مقام القطع الطريقي والموضوعي بأقسامه.
لا إشكال بين الاعلام في قيام الأمارة بدليل اعتبارها مقام القطع الطريقي ، بمعنى ان نفس ما يترتب على القطع من المنجزية والمعذرية يترتب
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ٢ ـ ٥ ـ الطبعة الأولى.
(٢) أنكر المحقق الأصفهاني صحة التعبير باللحاظ الآلي والاستقلالي بالنسبة إلى القطع ، وليس محل البحث فيه هاهنا ، ونحن انما عبرنا بذلك تمشيا لا التزاما بصحته ، لعدم تنقيح أحد الطرفين.