العقاب على تركها وبيان المحرمات بإثباته على الفعل فيكون الاستعمال كناية عن وجوب التوقف وحرمة الاقتحام ، لا لبيان احتمال الهلكة في الشبهة ويكون وجوب التوقف إرشاديا كما هو الحال على التقريب الأول.
بناء على هذا التقريب تكون اخبار الاحتياط واردة على الآية الشريفة ، لأنها تتكفل بيان الحكم الواقعي وإقامة الحجة عليه.
ولعله إلى ذلك أشار الشيخ فيما ذكره من أن هذه الآيات تكون مورودا لدليل الاحتياط لو تم ، وتكون نسبتها له نسبة الأصل إلى الدليل.
ومنها : قوله تعالى ـ في سورة الطلاق ـ : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ) (١). وتقريب الاستدلال بها : أنها تدل على عدم التكليف إلا بما آتاه الله من الأحكام ، فما لم يؤته لا تكليف به ، والتكليف المجهول مما لم يؤته الله.
وتحقيق الكلام في ذلك : ان في مدلول الآية الشريفة محتملات أربعة :
الأول : ان المراد بالموصول فيها خصوص المال ، فيكون المعنى ان الله لا يكلّف إلا إنفاق ما أعطاه من المال.
الثاني : ان يراد بالموصول مطلق الفعل أعم من إنفاق المال وغيره ، فيكون الإيتاء بمعنى الإقدار وإعطاء القدرة ، ويكون المعنى انه لا تكليف إلا بما أقدر الله العبد عليه ، وهي بذلك تشتمل المورد ، إذ الإنفاق مع التقتير في الرزق من مصاديق ما لم يقدر الله العبد عليه.
الثالث : ان يراد بالموصول خصوص الحكم الشرعي ، فيكون الإيتاء بمعنى الاعلام.
الرابع : ان يراد بالموصول أعم من الفعل والحكم ، فيكون المراد بالإيتاء الاعلام بالنسبة إلى الحكم والإقدار بالنسبة إلى الفعل ، فان إيتاء كل شيء
__________________
(١) سورة الطلاق ، الآية : ٧.