نظير ما دل على أنه صلىاللهعليهوآله بعث بالحنيفية السمحاء (١) ، فلا تدل على جعل أصالة البراءة في موارد الشبهات البدوية الخالية عن الأصول الموضوعية المقتضية للحلّ. ولا قرينة انها بالنحو الأول ، فتكون مجملة لا ظهور لها في المدعى ، بعد عدم إمكان الأخذ بظاهرها الأولي وهو جعل الحلية وإنشائها.
ومنها : حديث السعة : وهو قوله عليهالسلام : « الناس في سعة ما لا يعلمون » (٢).
وهو في نصه وصياغته يحتمل وجهين :
أحدهما : ان تكون : « ما » موصولة أضيف إليها لفظ السعة فيكون المفاد : « الناس في سعة الّذي لا يعلمون ».
الآخر : ان تكون : « ما » ظرفية ، ولفظ سعة منون الآخر فيكون المفاد : « الناس في سعة ما داموا لا يعلمون ».
وقد ذكر صاحب الكفاية أنه يدل على البراءة على كلا الاحتمالين ، فانه يدل على ان الناس في سعة وتخفيف من جهة التكليف الّذي لا يعلمونه أو ما داموا لا يعلمون التكليف ، فيكون معارضا لأدلة الاحتياط ـ لو تمت ـ ، لأنها تقتضي ان المكلّف في ضيق من الواقع المجهول.
وقد يقال : ان أدلة الاحتياط تقتضي العلم بالاحتياط ، فتكون واردة على هذا الحديث المقيد بالعلم.
وأجاب عنه صاحب الكفاية : بان أدلة الاحتياط لا تستلزم العلم بالواقع ، بل انما تقتضي تنجيز الواقع وجعل المكلّف في عهدته ، لأن وجوب الاحتياط طريقي ، فلا يرتفع موضوع حديث السعة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٤ ـ ٧٤ باب ٤٨ الحديث ١.
(٢) وسائل الشيعة ٢ ـ ١٠٧٣ باب : ٥٠ من أبواب النجاسات ، الحديث : ١١.