ولأجل ذلك وقع البحث في مبحث المشتق فيما هو المصحح لحمل المبدأ على الذات ـ إذا كان المشتق بمعنى المبدأ ـ ، مع بداهة قيام المبدأ بالذات ، فانه يكشف عن ان جهة تقوم المبدأ بالذات تختلف عن جهة النعتية والاتصاف المصححة للحمل.
ويمكننا تقريب المقدمة الثانية ، ولكن ببيان لا ظهور له من عبارة التقريرات ، وهو : ان الدليل المخصص لو كان يتكفل إخراج المبدأ ، لكان للبحث في ان المأخوذ في عنوان العام بعد التخصيص عدمه النعتيّ أو المحمولي مجال ، ولكن الأمر ليس كذلك ، فان المخصص يتكفل إخراج العنوان الاشتقاقي ، فهو مثلا يخرج عنوان الفاسق عن دليل وجوب إكرام العلماء لا الفسق ، وعنوان الشرط المخالف للكتاب عن دليل نفوذ الشروط لا مخالفة الشرط.
وعليه ، فإذا كان مقتضى المقدمة الأولى تقييد موضوع حكم العام بنقيض الخاصّ ، فنقيض الفاسق « لا فاسق » ونقيض المخالف « اللامخالف » ، والموضوع يتقيد به لا بعدم الفسق أو عدم المخالفة.
ومن الواضح ان تقيد الموضوع به يرجع إلى أخذه فيه بنحو الاتصاف النعتية كما هو ظاهر.
مع ان الإطلاق معناه ثبوت الحكم للموضوع كالعالم سواء كان فاسقا أو لم يكن فاسقا ، فإذا خرج الفاسق ثبت الحكم لغيره جزما لأنه إذا ألغيت « السوائية » كان الحكم ثابتا للعالم إذا لم يكن فاسقا.
ولو تنزلنا والتزمنا بان التقيد بنقيض العنوان الاشتقاقي لا يلازم أخذه بنحو النعتية ، فهو يكفي في منع استصحاب العدم الأزلي كما سيتضح إن شاء الله تعالى.
والّذي نذهب إليه هو منع استصحاب العدم الأزلي.