إلاّ انه لما كان
هذا القيد بخصوصه لا يجدي في خروج جميع مسائل الفقه عن علم الأصول ، لوجود بعض
المسائل الفقهية التي تكون نتيجتها حكما كليا ، كقاعدة « نفي الضمان بالعقد الفاسد
الّذي لا ضمان بصحيحه » وشبهها كما عرفت تقريبه ، احتاج في إخراج مثل هذه المسائل
إلى إضافة القيد الآخر ـ أعني : ما لا يصلح إلقاؤها إلى العامي ـ ، إذ المسائل
الفقهية صالحة لإلقائها إلى العامي بحيث يتولى بنفسه التطبيق دون المسائل الأصولية
، إذ معرفة العامي حجية الخبر أو الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته لا تفيده
شيئا ، فلا تصلح لإلقائها إليه ، بخلاف معرفته لنفي الضمان في الفاسد الّذي لا
ضمان بصحيحه.
ولكنه يشكل بوجود
بعض المسائل الفقهية لا تصلح لإلقائها إلى العامي ، وهي بهذا الضابط لا بد ان تكون
من المسائل الأصولية.
وذلك كمسألة بطلان
الشرط المخالف للكتاب والسنة ، فان العامي بمعرفة هذه المسألة لا يستطيع ان يتوصل
بها في الموارد الجزئية أو الكلية التي تنطبق عليها ولو بعد بيان المراد بالمخالفة
وانها المخالفة للنص أو الظاهر.
وكمسألة التسامح
في أدلة السنن ، فان لها عنوانين بأحدهما تدخل في علم الأصول ، وبالآخر تندرج في
مسائل الفقه.
اما العنوان الّذي
به تدخل في علم الأصول ، فهو عنوان التسامح في أدلة السنن ، لأن مرجع هذا البحث
إلى البحث عن دلالة اخبار « من بلغه ... » على كون موضوع الحجية في اخبار السنن
أوسع من غيرها ، فيشمل الضعيف وغيره. وعدم دلالتها ، فيكون موضوع الحجية فيها
كغيرها فيقتصر فيه على الصحيح والموثق. ومن الظاهر ان البحث عن حجية الخبر الضعيف
ونحوه في مقام وعدم حجيته أصولي لارتباطه بمقام الحيرة والتردد.
اما العنوان الّذي
به تدخل في علم الفقه ، فهو عنوان استحباب العمل