الجملة الخبرية تحتمل الصدق والكذب هو هذا المعنى ، وإلاّ فنفس مدلول الجملة غير قابل للصدق والكذب. بخلافه في الإنشائية فانه لا يحتمل فيه ذلك.
ويتلخص الفرق بين هذا الالتزام وبين الالتزام الآخر في امرين :
الأول : ان الموضوع له على هذا الالتزام هو قصد الحكاية عن ثبوت النسبة. واما الموضوع له على الالتزام الآخر فهو نفس النسبة أو ثبوتها المحكي عنه.
الثاني : ان قصد الحكاية على الالتزام الآخر يكون بمنزلة داعي الداعي للاستعمال ، إذ الداعي الأول للاستعمال هو تفهيم النسبة وإيجاد صورة النسبة في الذهن ، وهذا التفهيم والإبراز ، تارة يكون بداعي الحكاية عنه ، وأخرى يكون بداعي الاستهزاء ـ مثلا ـ فداعي الحكاية يكون داعيا إلى التفهيم الّذي هو داع للاستعمال.
واما على هذا الالتزام فهو الداعي الأولي للاستعمال والتكلم ، إذ يوضع الكلام لأمر آخر غيره ، فلاحظ (١).
والكلام مع السيد الخوئي يقع في جهتين :
الجهة الأولى : في تمامية ما ساقه سببا للعدول من تعريف المشهور للجملة الخبرية واختيارهم في الموضوع له الجملة وعدم تماميته ، والحق انه غير تام.
أما الوجه الأول : فلأن المراد من كون دلالة الجملة الخبرية تصديقية ليس انها بإلقائها توجب الإذعان بالنسبة ، بل ان مدلولها أمر لو تعلق به العلم كان تصديقيا ، بخلاف مدلول المفردات فانه لا يتعلق به الإذعان أصلا.
ويشهد لما ذكرناه : انهم لا يلتزمون بان دلالة الجملة الإنشائية تصديقية ، حتى من يلتزم بما التزم به السيد الخوئي من وضع الصيغ الإنشائية للطلب ونحوه.
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٨٥ ـ الطبعة الأولى.