فيرجع إلى قول اللغوي لتكون شهادته بالشمول منجّزة وحجّة للمولى على المكلّف ، وشهادته بعدم الشمول معذّرة وحجّة للمأمور على المولى.
المقام الثاني : أن يكون التعويل على الظنّ الحاصل من قول اللغوي وخبر الثقة من أجل تحصيل منجّز أو معذّر وهو الحجّيّة بالمصطلح الأصوليّ ، بمعنى أنّ الآمر يرجع إلى قول اللغوي أو خبر الثقة ليكون قولهما منجّزا لتكاليفه وأوامره على مواليه وعبيده ومأموريه ، ويرجع المأمور إليهما ليكون قولهما معذّرا عن التكليف المحتمل أو المشكوك.
من قبيل أن يأمر المولى العرفي بقوله : ( أكرم العالم ) ولا يعلم المأمور أنّ كلمة العالم هل تشمل جميع العلماء حتّى من كان عالما ثمّ زال عنه العلم ، أو أنّه يختصّ بمن هو عالم بالفعل؟
وبالتالي فهو يشكّ في وجوب إكرام من هو فاقد للعلم فعلا ولكنّه كان متلبّسا به من قبل. فيرجعان إلى قول اللغوي ليرى ما هو قوله في ذلك ، وهل أنّ كلمة العالم التي هي من المشتقّات تشمل من كان متلبّسا بالمبدإ وزال عنه أو أنّها تختصّ بالمتلبّس بالمبدإ فعلا؟
فإذا شهد بأنّ الكلمة تشمل الموردين كان قوله حجّة بمعنى كونه منجّزا للتكليف على المأمور فيجب عليه الامتثال ويستحقّ العقاب على المخالفة ، وإذا شهد بأنّ الكلمة مختصّة بالعالم فعلا فيكون حجّة بمعنى كونه معذّرا للمأمور عند عدم امتثال إكرام من زال عنه العلم فعلا وكان الآمر يريد إكرامه واقعا.
وهكذا الحال بالنسبة لخبر الثقة يرجع إليه الآمر والمأمور في التنجيز والتعذير عن الأحكام التكليفيّة التي لا يعلم بها ، فيكون إخباره بالإلزام منجّزا للتكليف وإخباره بالترخيص مؤمّنا ومعذّرا عن التكليف.
وبعد أن اتّضح ذلك نرجع إلى بيان الإشكال فنقول :
وعلى هذا فبناء العقلاء على الرجوع إلى اللغوي والتعويل على الظنّ الناشئ من قوله : إن كان المقصود منه بناء العقلاء في المقام الأوّل فهذا لا يعني حجّيّة قول اللغوي بالمعنى الأصولي أي المنجّزيّة والمعذّريّة ؛ لأنّ التنجيز والتعذير إنّما يكون بالنسبة إلى الأغراض التشريعيّة التي فيها آمر ومأمور ، لا بالنسبة إلى