الثقة وقول اللغوي المفيدين للظنّ فقط ، فيراد من خلال سيرة العقلاء على العمل بذلك أن يستكشف أنّ الشارع أيضا قد حكم ظاهرا بحجّيّة خبر الثقة وقول اللغوي ، فيما إذا شكّ المكلّف في الحكم الواقعي وانسدّ عليه باب العلم بالواقع.
وهنا يثار إشكال في تطبيق أدلّة الإمضاء على سكوت المعصوم بحيث يقال : إنّ سكوت المعصوم وعدم ردعه عن سيرة العقلاء لا يضرّ ولا يؤثّر في نقض غرضه أو عدم نهيه عن المنكر أو في ظهور حاله ؛ لأنّ هذه السيرة لا تتنافى مع ذلك.
ولتوضيح الإشكال لا بدّ من التوسّع والتفصيل ، فنقول : إنّ سيرة العقلاء على العمل والاكتفاء بالأمارات الظنّيّة كحكم ظاهري يرجع إليه كخبر الثقة وقول اللغوي لها مجالان :
المقام الأوّل : التعويل عليها بصدد تحصيل الشخص لأغراضه الشخصيّة التكوينيّة ، من قبيل أن يكون لشخص غرض في أن يستعمل كلمة معيّنة في كتابه ، فيرجع إلى اللغوي في فهم معناها ليستعملها في الموضع المناسب ، ويكتفي في هذا المجال بالظنّ الحاصل من قول اللغوي.
المقام الأوّل : أن يكون المراد التعويل على الظنّ الحاصل من قول اللغوي وخبر الثقة في مجال الأغراض التكوينيّة الشخصيّة ، كما إذا كان هناك غرض لشخص في معرفة وفهم المعنى اللغوي لكلمة ما ليعلم معناها ، فيرجع إلى اللغوي ويأخذ بقوله في فهم ومعرفة معناها وإن لم يفده قوله إلا الظنّ فقط ، وبالتالي يكتفي بقوله كمرجع له ويرتّب عليه الآثار المطلوبة منه فيستعملها في الموضع المناسب الذي أخبر اللغوي به.
أو أن يكون هناك غرض شخصي لإنسان في الاعتماد على خبر الثقة في معرفة بعض الأمور الشخصيّة التكوينيّة فيرجع إليه ويأخذ بخبره ، كما هو الحال بخبر الطبيب مثلا أو المهندس ونحوهما ، ويرتّب الأثر التكويني على إخبارهم هذا وإن لم يفد سوى الظنّ.
المقام الثاني : التعويل عليها بصدد تحصيل المأمور لمؤمّن أمام الآمر ، أو لتحصيل الشخص الآمر لمنجّز للتكليف على مأموره ، من قبيل أن يقول الآمر : ( أكرم العالم ) ولا يدري المأمور أنّ كلمة ( العالم ) هل تشمل من كان لديه علم وزال علمه أو لا؟