تحليل
مرتكزات المتعاملين ومقاصدهما النوعيّة في مقام التعامل بنحو يحقّق صغرى لأدلّة
الصحّة والنفوذ في باب المعاملات.
فإنّ أغلب
البناءات العقلائيّة ترجع إلى هذا النحو من السيرة ، أي إلى تحقيق الصغرى وإثبات
الموضوع أو مصداق هذا الموضوع ، خصوصا البناءات العقلائيّة في موارد التعامل والعقود
، حيث إنّ السيرة تحقّق لنا المقاصد التي يقصدها المتعاملين نوعا ، أي أنّ كلّ
متعاملين باعتبارهما النوعي يقصدان شروطا ضمنيّة وهي ما قامت عليه السيرة والبناء
العرفي العقلائي وإن لم تذكر في متن العقد. ولذلك تكون هذه الشروط الضمنيّة موضوعا
للأحكام الشرعيّة بوجوب الوفاء بها وبصحّتها ونفوذها شرعا ، وترتيب الآثار عليها.
ومثال
ذلك : ما يقال من انعقاد السيرة العقلائيّة على اشتراط عدم الغبن في المعاملة ،
بنحو يكون هذا الاشتراط مفهوما ضمنا وإن لم يصرّح به ، وعلى هذا الأساس يثبت خيار
الغبن بالشرط الضمني في العقد ، فإنّ السيرة العقلائيّة المذكورة لم تكشف عن دليل
شرعي على حكم كلّي ، وإنّما حقّقت صغرى لدليل : «
المؤمنون عند شروطهم » .
ومثال ذلك : قيام
السيرة والبناء العقلائي على اشتراط عدم الغبن في المعاملة ، فإنّ العقلاء يحكمون
بأنّ كلّ متعاملين يبنيان على عدم الغبن ، بحيث إنّ كلّ واحد منهما لا يرضى بأن
يكون مغلوبا ومقهورا وخاسرا في المعاملة ، بل يصرّ دائما لتحقيق الربح والفائدة ،
فإذا علم أنّ هذه المعاملة فيها خسارة محقّقة فلا يقدم عليها.
ولذلك كان عدم
الغبن شرطا ضمنيّا عند كلّ متعاملين ، وهذا معناه أنّ المعاملة تقع مشروطة من
أساسها بأن لا يكون هناك غبن ، فإذا ظهر كون أحدهما مغبونا بنحو لا يرضى به العرف
ـ حيث إنّه لا بدّ أن يكون هناك تفاوت في كلّ معاملة ـ ولا يتسامح بمقداره كان له
خيار فسخ المعاملة بنظرهم واعتقادهم ؛ لأنّ الآخر يجب عليه الوفاء بتعهّده وشروطه
ومن جملة هذه الشروط هو عدم الغبن الذي هو شرط ضمني.
فإذا حكم العقلاء
بذلك تحقّقت صغرى لحكم شرعي كلّي وهو وجوب الوفاء بالشروط والالتزامات والتعهّدات
لكلّ مؤمن ؛ لقوله عليهالسلام : « المؤمنون عند
__________________