من العقلاء بوصفهم عقلاء أن يسيروا ويجروا على طبق هذه السيرة في الأغراض التشريعيّة أيضا ، حتّى وإن كان هذا الإيحاء والارتكاز مخطئا.
وهذا معناه أنّ هذه السيرة في الأغراض التكوينيّة من الممكن في كثير من الأحيان أن تؤثّر وتمسّ الأغراض التشريعيّة ولو في اعتقاد المتشرّعة الخاطئ ، حيث إنّهم يحسّون نتيجة لارتكاز السيرة عندهم بأنّ الشارع يقبل بها ويرضاها في مجال أغراضه التشريعيّة بلحاظ مرحلة الظاهر أي الحجّيّة الأصوليّة ، ممّا يعرّض أحكامه للضياع ويكون مفوّتا لغرضه إذا لم يردع عنها فيما إذا كانت مخالفة لما يجعله حجّة ، وبالتالي يكون السكوت عنها إمضاء لهذا الارتكاز الخاطئ عند المتشرّعة وبالتالي يكون تطبيقه على التشريعيّات ممضى ومقبولا عند الشارع ؛ لأنّه سكت ولم يردع عنها.
وبهذا نعرف أنّه لا يتوقّف الاستدلال بالسيرة على كونها منعقدة فعلا على الحجّيّة ، بل حتّى لو كانت منعقدة على الأغراض التكوينيّة ولكنها كانت مستحكمة ومرتكزة ، وتفترض اتّفاق الشارع بإسراء هذا البناء على أحكامه التشريعيّة ، لكانت حجّة أيضا على الاستدلال بأنّ الشارع قد جعل الحجّيّة الأصوليّة لقول اللغوي ولخبر الثقة.
والحاصل : أنّ الاستدلال بالسيرة بقسميها يتوقّف على وجود هذا المرتكز والإيحاء ولو كان خاطئا ؛ لأنّه يمسّ مباشرة أو بالالتزام الأحكام التشريعيّة للشارع فالسكوت عنها إمضاء لها.
ومهما يكن الحال فلا شكّ في أنّ معاصرة السيرة العقلائيّة لعصر المعصومين عليهمالسلام شرط في إمكان الاستدلال بها على الحكم الشرعي ؛ لأنّ حجّيّتها ليست بلحاظ ذاتها ، بل بلحاظ استكشاف الإمضاء الشرعي من التقرير وعدم الردع ، فلكي يتمّ هذا الاستكشاف يجب أن تكون السيرة معاصرة لظهور المعصومين عليهمالسلام لكي يدلّ سكوتهم على الإمضاء.
وهنا شرط آخر مضافا إلى وجود الارتكاز الموحي ولو خطأ برضا الشارع بقبول البناء العقلائي ، وهو اشتراط معاصرة السيرة للمعصوم عليهالسلام ، وهذا الشرط واضح ؛ لأنّ السيرة ليست دليلا على الحكم الشرعي بنفسها ، وإنّما بعد ضمّ الإمضاء المستكشف من سكوت المعصوم وعدم ردعه ، وهذا يفترض وجود المعصوم وكونه