ص ٣٨٣ قوله : ( تخصيص العام بالمفهوم ... ).
وهذا تارة يكون بمفهوم الموافقة ، واخرى بمفهوم المخالفة.
١ ـ مفهوم الموافقة : حيث انّ الدلالة فيه من باب الملازمة ولو العرفية فهو من دلالة المدلول على المدلول ويترتب عليه أنّ المعارضة تسري دائماً إلى المنطوق وانّه لا عبرة بأخصية المفهوم إذ قد يكون لازماً لاطلاق المنطوق فلابد من ملاحظة النسبة بين العام ومنطوق الموافقة مستقلاًّ ، وعندئذٍ قد لا تكون معارضة اخرى بينه وبين العام من غير ناحية المفهوم وقد تكون ففي الأوّل إن كان المفهوم لازماً لأصل المنطوق قدم على العام بالتخصيص وإن كان لازماً لاطلاقه ـ كما في إطلاق ( فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ ) لموارد النهي عن المنكر بالضرب مثلاً ـ وتمّ التعارض بين الدلالتين فيقدم الأقوى أو يتساقطان.
وأمّا الثاني وهو فرض التعارض المستقل مع منطوق الموافقة أيضاً فتارة يكون المنطوق أخصّ من العام ، واخرى أعم منه ، وثالثة بينهما عموم من وجه ، والأوّل (١) يتمّ فيه التخصّص (٢) إلاّإذا كان مفهومه أعم من العام أو مساوياً
__________________
(١) كما إذا قال : ( لا يجب اكرام العالم ويجب اكرام الفقيه غير المؤمن ) الدال بالفحوى على وجوب اكرام الفقيه المؤمن أيضاً فيجب اكرام الفقيه الشامل باطلاقه للفقيه غير المؤمن والدال بالفحوى على وجوب اكرام كل عالم مؤمن حتى غير الفقيه ؛ لأنّ اكرامه أولى من اكرام الفقيه غير المؤمن ، فيكون مثالاً للحالة الاولى أي المنطوق ، ومثال الحالة الثانية ما إذا قال : ( لا يجب اكرام الفقيه وأكرم الفقيه غير المؤمن ).
(٢) ولو كان المفهوم لازم إطلاق المنطوق لأنّ إطلاق الأخص مقدم على إطلاق الأعم. هذا ولكن لو فرض على هذا التقدير انّ النسبة بين مجموع المفهوم والمنطوق مع العام عموم من وجه فلا يبعد انّ العرف لا يرى ذلك بحكم الأخص بل العموم من وجه لأنّ الميزان فيه مجموع مفاد الدليل ودلالة مفهوم في الموافقة حالها حال نفس المنطوق بحسب الحقيقة فتدبر جيداً.