وأمّا البيان الثاني : فهو مبني على أن يكون نفي القيود على اجمالها وكليتها ابتداءً هو مفاد العام أو المطلق وليس كذلك بل هو مدلول التزامي أو انتزاعي لاطلاق الحكم وشموله للفرد الفاقد للقيد في كل قيد بخصوصه المقدر وجوده في عالم الجعل وهذا الإطلاق ساقط عن الحجّية يقيناً بلحاظ الفرد الذي علمنا بخروجه الحكمي عن العام أو المطلق ، فعلى تقدير صحة هذه الفرضية وامكانها في القضية الحقيقية المجعولة في العام أو في القضية الخارجية فاطلاق العام لمثل هذا الموضوع المفترض ساقط عن الحجّية جزماً فلا يمكن التمسك به لاثبات نفي التقييد به وبالتالي اثبات التخصّص.
ولعلّ هذا هو روح مقصود سيدنا الاستاذ قدسسره أعني العلم بالتقييد والسقوط على تقدير كون المورد فرداً مقدراً للعام لا العلم بالتقييد على كل تقدير ليرد عليه ما أوردناه من النقوض الثلاثة ، فروح ما ذكره الاستاذ قدسسره في المقام تامة.
كما انّ ما ذكره المحقق العراقي قدسسره تام أيضاً بلحاظ الصيغة المدرسية للتمسك بالعام في الدوران بين التخصيص والتخصّص حيث انّهم يتمسكون بعموم العام للفرد الخارجي المعلوم انتفاء حكم العام فيه بنحو القضية الخارجية الفعلية ، أي ينظرون إلى عالم فعلية المجعول ومن هنا حكموا بأنّ المراد معلوم فيه وبناءً على هذه الصيغة يتجه كلام المحقق العراقي قدسسره من أنّ الخطاب العام ليس له ظهور تصديقي كاشف ليكون حجة وإنّما هو ظهور تصوري بحت ؛ بل قد عرفت انّ الخطاب لا ينظر إلى هذه المرحلة أصلاً ، وهذه نفس نكتة عدم حجّية العام في الشبهة المصداقية لمخصّصه ، فاسراء تلك النكتة إلى البحث تام على صيغة المشهور وغير تام على الصيغة المعدلة للتمسك بالعام.