ثبوت الأحكام في هذه الموارد لا يتوهم أحد انّها تستلزم تقييداً في إطلاق مفهوم الجمل الشرطية المذكورة ؛ لأنّه لا مفهوم للجمل الشرطية المذكورة مع أنّها ليست مسوقة لبيان الموضوع لانحفاظ موضوع الجزاء فيها ، فلو كانت الشرطية تدلّ على التوقف والتعليق لطبيعي الحكم على الشرط لزم القول بذلك في أمثال هذه الجمل الشرطية أيضاً.
وكذا وجدانية عدم المفهوم في الجملة الشرطية التي يكون جزائها نهياً ، كما إذا قلت : ( إذا جاءك زيد فلا تكرمه ) فإنّه لا يدلّ على انّه لو لم يجيئك لا يحرم إكرامه ، بحيث لو دلّ دليل على حرمة اكرامه في فرض آخر كان منافياً مع مفهوم هذه الشرطية.
والصحيح أنّ هذا الوجدان لعلّه ينشأ من انّ الجمل الشرطية في آيات الأحكام والروايات حيث تكون بصدد بيان الحكم الشرعي وتحديد حدودها وشروطها التي كان الرواة والفقهاء متصدين للسؤال عنها في أسئلتهم عن المعصومين : عادة فقد ينعقد للشرطية في بعض أو أكثر هذه الأحاديث والأدلّة ظهور في انها بصدد التحديد وبيان حدود الجعل الذي يتصدى المعصوم عليهالسلام لبيانه فينعقد لها الدلالة على المفهوم بمقتضى هذا المقام ، أعني مقام التحديد ، وهذا وإن كانت قرينة خاصة إلاّ انّه حيث أنّها في القضايا الصادرة عن المعصومين : كثيرة فقد تصبح بمثابة قرينة عامة نوعية ولو في صنف من الأحكام وأدلّتها ، وهي التي يفرغ فيها عن ثبوت أصل حكم وتشريعه ويراد تبيين وتحديد موضوعه وشروطه كما في مثل : ( إذا خفي الأذان فقصّر ) أو ( إذا بلغ الماء الكر لم ينفعل ) ، فالنظر هنا إلى تحديد مبدأ الحكم بالقصر في الصلاة والاعتصام في الماء ، وهذا بخلاف مثل : ( إذا ظاهرت فكفّر ) أو ( إذا سافرت