واخرى : فيما هو مقتضى القاعدة لو ورد نهي كراهتي عن عبادة فهل يخصِّص إطلاق دليل الأمر بدليل النهي على القاعدة أم لا ، أي ما هو مقتضى الجمع العرفي بين دليل الأمر بتلك العبادة ودليل النهي الكراهتي عن بعض أفراده ؛ لأنّ دليل النهي حتى الكراهتي ظاهر في امور ثلاثة :
١ ـ ظهوره في تعلّقه بالمتخصِّص لا الخصوصية.
٢ ـ ظهوره في كونه مولوياً لا إرشاداً إلى أقلّية الثواب أو أفضليّة سائر الأفراد.
٣ ـ ظهوره في فعلية المبغوضية والكراهة في متعلّقه.
فلو جمعنا بين هذه الظهورات الثلاثة وقلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي وقع التعارض بين إطلاق دليل الأمر بتلك العبادة مع دليل النهي الكراهتي عن أفرادها لا محالة ، فلو قدّم النهي أو حكم بالتعارض والتساقط كانت العبادة باطلة من جهة انتفاء الأمر. وهذا بخلاف ما إذا قلنا بالجواز وعدم سراية الحبّ والأمر من الجامع إلى الفرد حتى إذا كان مبغوضاً.
وبهذا يتّضح انّ القائلين بالامتناع لابدّ لهم في بحث العبادات المكروهة من رفع اليد عن أحد الظهورات المذكورة كما سيأتي شرحه.
إلاّأنّك عرفت فيما سبق انكار ظهور الأمر حتى عرفاً في نشوئه عن محبوبية متعلّقه بالخصوص ، فكذلك في المقام ننكر ظهور النهي في فعلية المبغوضية في متعلّقه ، وهذا يوجب القول بالجواز وعدم الامتناع بحسب الحقيقة ، وبالتالي صحّة العبادة المكروهة على القاعدة ؛ لعدم مبغوضيتها وفعلية الأمر بها وامكان التقرّب أيضاً.