لأنّه نهي غيري لا محركية له ولو فرض وجودها ، فهي محركيّة كمحركيّة الأمر بالأهم لا أكثر ، فإذا لم يكن الأمر بالأهم منافياً مع الأمر بالمهم لكون هذا الأخير مشروطاً بفرض ترك الأهم فكذلك النهي.
ولو لم نقبل كلّ ذلك وقلنا بتقوّم الحكم بالحبّ والبغض لزم التعارض بين الأمر الترتبي بالمهم مع الأمر المطلق بالأهم على كلّ حال ؛ للزوم اجتماع الحب والبغض في المهم ـ إذا كان مانعاً عن الأهم بنفسه ـ أو مقتضيه وهو محال حتى بنحو مشروط. وبهذا يعرف أنّ سقوط الأمر بالضدّ أو وقوع التعارض بين دليلي الأمر بالضدين إنّما يترتب بناءً على القول بالاقتضاء فيما إذا قلنا بالنهي النفسي عن الضد ـ ولا قائل به ـ أو قلنا بأنّ قوام الحكم التكليفي وروحه بالحب والبغض ـ وقد عرفت عدم صحّته ـ فلا أثر ولا ثمرة للبحث عن مسألة الاقتضاء ، والله الهادي للصواب.
ص ٣٣١ قوله : ( ثانيهما : أن لا يكون الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضده ).
اتضح مما سبق عدم لزوم هذا الشرط ، لأنّ النهي الغيري لا يكون مانعاً عن صحّة الأمر الترتبي ؛ لأنّه لا محركيّة له أكثر من محركية التكليف النفسي المترشّح منه ، ولا تضادّ بين الأمر والنهي إلاّبلحاظ محركيّتهما لا بلحاظ الحبّ والبغض ؛ لعدم كونهما قواماً للحكم.
نعم ، من يرى تقوّم الحكم بالحبّ والبغض يلزمه هذا الشرط في إمكان الترتب ، إلاّ انّه حينئذٍ لابدّ له من انكار الحبّ والبغض الغيري للمقدّمة والضد العام للواجب ، ولا يكفي منع التمانع بين الضدين بالبراهين المتقدّمة كما هو ظاهر جملة من الأعلام ومنهم السيد الشهيد قدسسره ؛ لأنّه لا يدفع التضاد بلحاظ مقتضي الضد الواجب فيحصل التعارض بين الأمرين كما شرحنا ذلك فيما سبق.