٣ ـ أن يقال بأنّ الحب الغيري يختلف عن الحب النفسي من حيث أنّ المحبوب النفسي محبوب على كل حال بخلاف المحبوب الغيري فإنّ محبوبيته حيث انها غيرية أي من أجل التوصل إلى تحقيق المحبوب النفسي لا أكثر ، فلا محالة لا يكون المحبوب إلاّعنوان التوصل ولا يكون مبغوض إلاّعدم الوصول إلى الواجب النفسي الأهم ، وهذا النحو من البغض لا ينافي محبوبية الضد أو الواجب المهم في نفسه. إلاّ انّ هذا أيضاً يرجع بالدقة إلى انكار البغض الغيري لعلّة الحرام ، وهو مساوق مع انكار الملازمة.
وهكذا يتضح انّ وجدانية قبول التزاحم في هذه الموارد لا يمكن تفسيره إلاّ بالالتزام بعدم الملازمة بين حبّ شيء وحبّ مقدماته وبغض نقيضه ـ كما هو مختار السيد الخوئي قدسسره ـ أو عدم تقوّم الحكم بمبدأ المحبوبية والمبغوضية وتقوّمه بنفس التصدّي المولوي لتحصيل فعل أو ترك من المكلّف ، وهو فعل اختياري للمولى كالجعل ، سواء كان من جهة محبوبية ذلك أو كونه أنفع بأغراضه ولو من باب دفع الضرر والمبغوض الأشد أو الأكثر بالأقل ، وهذا وجداني لا ينبغي التردّد فيه ، بل لو تصدّى المولى لترك الضد والنهي عنه أيضاً فهو نهي من أجل فعل الأهم لا لذاته ، أي تصدٍّ غيري لا نفسي ، وهو لا ينافي الأمر بالضد بنحو الترتّب ؛ لأنّ التنافي بين الأمر والنهي بلحاظ محركيّتهما ، ولا محركيّة للحكم الغيري أكثر من محركيّة الحكم النفسي المترشّح منه ، والمفروض عدم منافاته مع الأمر الترتّبي بضده.
فالحاصل : لا امتناع حتى على تقدير قبول الاقتضاء في أن يكون الضد مأموراً به بنحو الترتب لأنّ هذا الأمر لا يتنافى مع النهي الغيري عنه لا من ناحية المبادئ ؛ لعدم تقوّم الحكم بالحبّ والبغض ، ولا من ناحية محركية الأمر والنهي