لو لم يحضر يكون ذلك مبغوضاً لديه كما إذا حضره من يبغضه وإنّما لم يحضر محبوبه فلا يلتذ ولا ينشرح لا انّه يتنفر وينزجر.
ومنها ـ وهو منبه تحليلي حلّي انّ صفة الحب يعني نحو انشراح وانبساط في النفس من شيء يلائمها أو ينسجم معها مع مقتضياتها وفطرتها وعلى العكس المبغض صفة نفسانية تعني الانقباظ والنفرة والانزجار مما فيه حزازة وايلام وايذاء لها ، وهما صفتان وجوديتان متضادتان لكل منهما ملاكه وعلته المؤثرة. ومن الواضح وجداناً انّ عدم الملاك لأحدهما يوجب انتفاء تلك الصفة لا حصول الصفة الاخرى المضادة ، إذ ليسا من قبيل الضدين اللذين لا ثالث لهما ، بل يعقل لهما الثالث وهو عدم تحقق شيء منهما ، ومعه لا موجب لافتراض أن يكون في النفس بغض وكراهية وانزجار من ملاحظة نقيض العنوان الذي يرى فيه الانشراح والحب والملائمة مع النفس.
الثاني : انّنا وإن لم نقبل الملازمة بين حب شيء وبغض نقيضه ، إلاّ انّ هناك مطلباً آخر نقبله ، وهو ينتج نفس النتيجة المطلوبة من هذا الاستلزام.
وحاصله : دعوى وجدانية عدم امكان تعلّق الحب والبغض بالنقيضين ، أي انّ النفس إذا اشتاقت وأحبّت الفعل فمن المستحيل لها أن تحب نقيضه وتركه في نفس الوقت ، وكذلك في طرف البغض ، بحيث لو فرض وجود ملاك ومصلحة في الفعل ومصلحة اخرى في الترك وقع بينهما الكسر والانكسار تماماً ، من قبيل المصلحة والمفسدة في الفعل الواحد ، والذي يوجب الكسر والانكسار بينهما ، لا تعلّق الحب والبغض به لامتناعه ، فكذلك في النقيضين فليس النقيضان كالضدين الوجوديين والذي يمكن تعلّق الحب بهما معاً ، غاية الأمر لا يمكن التحرك نحوهما معاً في الارادة والتكوينية والأمر بهما معاً مطلقاً في الارادة