وواضح انّ كلا هذين البحثين كلاميان وثبوتيان لا ربط لهما بالبحث الاصولي عن مدلول الأمر وهو الطلب ، وانّه متحد مع الارادة مفهوماً ومصداقاً أو مغاير معها ، واستفادة هذا الأخير من البحثين الكلاميين من الخلط في المنهجة بين الأبحاث الثبوتية العقلية والبحوث اللغوية.
توضيح ذلك : انّ البحث اللغوي بحث عن تحديد معنى اللفظ وما وضع له ويدلّ عليه ، بخلاف البحث العقلي الكلامي ، ففي المقام قد يختار انّ لفظي الطلب والارادة موضوعان لمعنى واحد ومع ذلك يختار انّ هناك كلاماً نفسياً لتصحيح متكلمية الله وقدمها كما قد يختار تعدد المفهومين في البحث اللغوي ، ومع ذلك يختار في البحث الكلامي عدم وجود شيء اسمه الكلام النفسي ، فلا ربط للبحثين أحدهما بالآخر.
وكذلك البحث الكلامي الثاني ، لوضوح انّ مراد الأشعري بالارادة الارادة الأزلية التكوينية الفاعلة والتي تكون علة لايجاد الأشياء ، وهذا ليس هو المراد من الطلب والارادة التشريعية جزماً حتى عند القائل بوحدتهما ، فالأشعري لا ينكر وجود الارادة التشريعية المساوقة للطلب ، كما انّه ليس نظره إلى البحث عن المدلول اللغوي للفظي الارادة والطلب الاسميين ولا للأمر مادة أو صيغة أصلاً فلا ينبغي خلط الأبحاث بعضها ببعض.
فالصحيح البحث أوّلاً عن مدلول الارادة والطلب ، ولا اشكال في تغايرهما مفهوماً ، بل وتباينهما مصداقاً أيضاً ، لأنّ الارادة اسم لصفة في النفس هي الشوق المؤكد أو فعل للنفس هو هجمة النفس وعزمه على العمل بينما الطلب اسم للسعي والتحرك الخارجي نحو شيء ، وإنّما يصدق الأمر على الطلب من الغير باعتبار كون أمره للغير بنفسه مصداق للطلب والسعي من قبل الآمر نحو تحقق