اتحاد الطلب والارادة :
بحث في الكفاية في مادة الأمر عن جهة تحت عنوان اتحاد الطلب والارادة وتغايرهما ناسباً إلى الأشعري القول بتغايرهما وإلى المعتزلي باتحادهما ، ثمّ حاول الجمع بينهما بدعوى انّ النزاع لفظي وانّ القائل أراد التغاير بين الارادة بوجودها الحقيقي الذي هو منصرف لفظها مع الطلب بوجوده الانشائي المنصرف إليه لفظه أيضاً والقائل بالاتحاد أراد الاتحاد بين الارادة والطلب بوجودهما الحقيقي. واختار هو اتحادهما مفهوماً وحقيقة وانشاءً ، ثمّ أفاد بأنّ اختلاف المعنى الانصرافي لكل منهما ألجأ بعض أصحابنا إلى الميل إلى ما ذهب إليه الأشاعرة من المغايرة بين الطلب والارادة خلافاً لقاطبة أهل الحق والمعتزلة من اتحادهما ، ثمّ تصدّى للبحث عن المغايرة والاتحاد والكلام النفسي والجمل الخبرية المستعملة في الانشاء والجبر والاختيار.
أقول : الأشاعرة لهم في المقام بحثان كلاهما بحثان كلاميان :
الأوّل : في ثبوت الكلام النفسي في النفس وهو غير الكلام اللفظي المتجدد الموجود والحادث المنصرم ، وقد التزموا بذلك لتصحيح متكلمية الله سبحانه وقدمها كسائر صفات الله القديمة كي لا يلزم قيام الحادث بالقديم المحال.
الثاني : انّ الارادة الأزلية الالهية لا يمكن أن تتخلف عن المراد ، ومعه لا يمكن أن يكون العاصي الذي لم يرد الله صدور الفعل منه مطيعاً ولا المطيع عاصياً ، وهذا هو الجبر في أفعال العباد ، ولازم ذلك أن لا تكون ارادة من قبل الله سبحانه في حق العاصي أن يفعل وإلاّ لزم تخلفها عن المراد مع انّه مأمور به ومطلوب منه تشريعاً فلا محالة تكون الارادة غير الطلب.