ثمّ انّ التقريب الذي اختاره السيد الشهيد قدسسره معناه دلالة الأمر على الوجوب والالزام بالاطلاق أي بأصالة التطابق بين المدلول الاستعمالي والمدلول الجدي ، إلاّ انّه أظهر من الإطلاق فإنّ المراد بالاطلاق هو الدلالة السكوتية أي دلالة عدم الذكر اثباتاً على عدم وجود القيد ثبوتاً ، وامّا هذه الدلالة فهي ثبوتية مؤدّاها انّ ما ذكره قصده وأراده جداً ، لأنّ الصيغة موضوعة للدلالة على البعث الانشائي ، أو قل النسبة الارسالية بنحو المعنى الحرفي المساوق تصوراً مع اللزوم وسد تمام أبواب العدم وهو الوجوب ، غاية الأمر قد يتخلف المدلول التصديقي الجدي للمولى فلا يكون غرضه وداعيه من هذا البعث الانشائي الالزام بل قد لا يكون مقصوده الطلب أصلاً بل الامتحان أو الارشاد أو رفع الحظر ولو انّ كل ذلك لا يقدح بالمدلول التصوري والاستعمالي للصيغة في النسبة الارسالية والبعث الانشائي ، وإنّما نظير ما إذا لم يرد من العام عمومه جدا رغم استعماله لأدوات العموم ، فكما انّ دلالة العام على العموم وضعية وليست اطلاقية كذلك دلالة صيغة الأمر على الطلب اللزومي وضعية ، لأنّ النسبة الارسالية أو البعث الانشائي مساوق مع اللزوم تصوراً بحيث يكون قصده الجدي مساوقاً مع الطلب الوجوبي ، إلاّإذا نصب ما يدل على انّ داعيه خلاف ذلك فيكون القرينة قرينة على تخلف الداعي والمراد الجدي لا المجاز ، تماماً نظير ارادة الخاص من العام جداً بقرينة متصلة أو منفصلة.
وتمام النكتة في ذلك انّ مدلول الصيغة أمر انشائي هو البعث والارسال بنحو المعنى الحرفي النسبي ـ أي شيء كانت حقيقة الانشاء ـ وهو محفوظ في تمام موارد استعمالات صيغة الأمر.
وبهذا يعرف الوجه في عدم العناية في الاستعمال وعدم المجازية في موارد