باب أوامر الله سبحانه والمولى الحقيقي ، فهذا خلط بين باب الأحكام العقلية وباب الأغراض والمداليل اللغوية.
ومما ينبه على ذلك انّه لا إشكال في استفادة التحريم من النهي مع أنّ حكم العقل بوجوب اطاعة المولى وعدم مخالفته وعصيانه لا فرق فيه بين بابي الأمر أو النهي ، فلابد وأن يقال هناك انّ العقل في النواهي لا يحكم بوجوب الطاعة بل بحرمة المعصية ليتطابق مع دلالة النهي على التحريم وهو كما ترى.
وظني أنّ أصحاب القولين الثاني والثالث حيث لاحظوا في باب صيغة الأمر انّ مدلولها النسبة الارسالية أو الطلبية وكذلك مدلول النهي النسبة الزجرية ، ولاحظوا أنّ النسبة واحدة ومحفوظة سواء كان الطلب وجوبياً أو استحبابياً ولاحظوا انّه لا يلزم التجوّز من استعمالها في موارد الاستحباب والكراهة اضطروا إلى تفسير ذلك امّا على أساس حكم العقل ـ القول الثاني ـ أو على أساس الدلالة الاطلاقية ومقدمات الحكمة ـ القول الثالث ـ وسوف يأتي في بحث الصيغة إمكان تصوير دلالة لفظية اثباتية أي وضعية بنحو لا يلزم منه التجوّز في موارد استعمال الصيغة في الاستحباب أو الكراهة ، وذلك بأنّ مقتضى التطابق بين مقام الاثبات والثبوت سد تمام أبواب العدم كما هو مقتضى النسبة الارسالية أو الزجرية ، فإنّ الارسال والزجر الخارجيين كذلك فالدلالة على الوجوب والحرمة في صيغة الأمر والنهي اثباتية لا سلبية سكوتية ، ومع ذلك لا يلزم التجوّز إذا ورد قرينة على الترخيص والرضا بالترك ، لأنّ المعنى المستعمل فيه الصيغة هو النسبة المذكورة وهي محفوظة على كل حال والتطابق والتناسب المذكور إنّما هو بلحاظ المدلول التصديقي.