وإن شئت قلت : كما انّ الذهن يضع الاسم الجامد لمفهوم الإنسان والحجر والحيوان المنتزع من الوجودات الخارجية المعنية كذلك يضع مفهوم عالم عادل قائم ... الخ لمفهوم يأتي إلى الذهن من تصور الموجود الخارجي في حالة القيام أو العالمية والعادلية وهكذا من دون فرق بينهما إلاّمن ناحية التوسعة في الوضع من ناحية أنّ الهيئة يمكن وضعها النوعي بالاضافة إلى المواد المتنوعة التي يمكن أن تدخل فيها والتي هي حيثيات تعليلية لحالة المتلبس بها ، وهذا لا يستلزم التركيب ، ففرق بين مفهوم ذات لها القيام ومفهوم قائم كالفرق بين مفهوم ذات لها الانسانية أو الشيئيّة وانسان أو شيء من حيث تركب الأوّل وبساطة الثاني. وبهذا نستطيع أن نجمع بين الوجدانات العرفية المتعددة في المقام ، فتدبر جيداً.
ص ٣٣٠ س ١٠ قوله : ( وقد وضعت المشتقات بحسب النوع بأزاء هذا المعنى وإن كانت قد تدخل على ما يكون ذاتياً بحسب الدقة كالممكن مثلاً ، ولعلّه باعتبار عرضيته بحسب الفهم العرفي ).
أقول : الواقع انّ الوضع اللغوي للمشتقات ليس مربوطاً بحيثية عرضية المبدأ أو ذاتيته للموضوع ، بل مربوط بما ذكرناه من اختلاف جهة انتزاع المفهوم ، فالذهن قد ينتزع مفهوماً عن الحد والكيفية وقد ينتزعه عن الشيء الذي له الكيفية سواءً كانت تلك الكيفية في الواقع أو بحسب مصطلح الفيلسوف ذاتياً أم عرضياً مستقلاًّ في الوجود أو متحداً ، فكل هذا النهج الفلسفي من البحث أجنبي عن الوضع اللغوي للمشتقات والمبادىء. وعلى هذا الأساس لا فرق بين الامكان والممكن أو البياض والأبيض من هذه الناحية.