وإن شئت قلت : انّ الاستجابة الذهنية التصورية الحاصلة بأدوات الانشاء تختلف عن الاستجابة الذهنية الحاصلة بأدوات الاخبار ، ففي مورد الطلب مثلاً يحس السامع ذهنياً باستجابة الدفع والارسال كما لو دفعه شخص ، وفي مورد النداء استجابة النداء والترجي والرجاء وهكذا ... ومن هنا قيل انها ايجاد المعنى باللفظ ، وفي موارد الاخبار تكون الاستجابة استجابة ارائة شيء في الواقع والحكاية عنه ، وكل هذه الاستجابات الذهنية في مرحلة التصوّر ، أي ليست متقوّمة بوجود مدلول تصديقي ؛ ولهذا تحصل في الذهن حتى إذا سمعت الجملة الخبرية أو الانشائية من الجدار.
ويتضح ممّا تقدم امور :
منها ـ انّ الاخبار أيضاً ايجاد للحكاية الذهنية عن الخارج تصوّراً ، إلاّ انّه حيث انّ متعلقه تحقق النسبة التصادقية والتصديق بها فيقبل أن يتصف متعلقه بالصدق والكذب ، وهذا بخلاف المعاني الانشائية الاخرى.
ومنها ـ انّ هذا المعنى محفوظ حتى مع عدم الجدية لأنّ هذه الفعاليات الذهنية تحصل قهراً في مواردها بأي داعٍ كان ايجادها في الذهن كما هو واضح.
ومنها ـ الفرق بين الجملة الانشائية الطلبية أو الندائية والجملة الانشائية الاستفهامية ونحوها من أدوات الانشاء التي تدخل على النسبة التصادقية ، فإنّ هذا ملحوظ تصوراً أيضاً باعتبار انّ النداء والطلب لا يتوقف على ملاحظة نسبة تصادقية بخلاف مثل الاستفهام والترجي والتمني.