ترىٰ ، أبعد هذا يستكثر علىٰ من يعبد الله ولا يشرك بعبادته أحداً ، أن يسجد لله علىٰ تربة قتيل الله وابن قتيله ، وحبيب الله وابن حبيبه ، والداعي إليه والدال عليه والناهض به والباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفيسه والواضع دم مهجته في كفه تجاه أعلاء كلمته ونشر توحيده وتوطيد طريقه وسبيله ؟ ( فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) ؟
ومن هنا قال الاستاذ الكبير عباس محمود العقّاد عن أرض الحسين كربلاء المقدسة : ( فهي اليوم حرم يزوره المسلمون للعبرة والذكرىٰ ، ويزوره غير المسلمين للنظرة والمشاهدة ، ولكنها لو أعطيت حقها من التنويه والتخليد لحقَّ لها أن تصبح مزاراً لكلّ آدمي يعرف لبني نوعه نصيباً من القداسة وحظاً من الفضيلة ، لأننا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الأرض يقترن اسمها بجملة من الفضائل والمناقب أسمىٰ وألزم لنوع الإنسان من تلك التي اقترنت باسم كربلاء بعد مصرع الحسين عليهالسلام فيها ) (١).
وبغضّ النظر عمّا في تلك التربة من شرف معنوي باعتبارها مذكِّرا ومنبها علىٰ آيات الصمود الحقّ بوجه الطاغوت ، وما فعله آل الله من إيثار الحقّ علىٰ مهجهم وما جناه آل الشيطان علىٰ أنفسهم ، فإنّها لم تكن في الواقع سوىٰ قطعة من تراب طاهر ، والمناقشة في صحة السجود عليها كالمناقشة في صحة السجود علىٰ أي تراب طاهر ، لكونهما من جنس
__________________
وسير أعلام النبلاء / الذهبي ٣ : ٢٨٨ / ٤٨ ترجمة الحسين الشهيد عليهالسلام. والأمالي / الصدوق : ٦٩٤ ـ ٦٩٧ / ٥ مجلس ٧٨. وينابيع المودة / القندوزي ٣ : ١٢ / ١٤. وبحار الأنوار / المجلسي ٤٤ : ٢٥٣ و ٢٥٥ و ٢٥٨.
(١) أبو الشهداء : ١٤٥.