هذه الأصول والقوانين العشرة التي أحکمنا بنيانها وشيدنا أرکانها ببراهين ساطعة وحجج قاطعة ... يعلم يقيناً ويحکم بأن هذا البدن بعينه سيحشر يوم القيامة بصورة الأجساد ، وينکشف له المعاد مجموع النفس والبدن بعينهما وشخصهما وأن المبعوث في القيامة هذا البدن بعينه لا بدن آخر مباين له عنصرياً کان کما ذهب إليه جمع من الإسلاميين ... ). (١)
فهذا قول بوجوب العينية بين البدنين ، إلا أن هذا البدن الأخروي کان محفوظاً في خزان الخيال المجرد ، ومنه يخرج إلى ساحة الحشر وأنه متشخص بنفسه ، وعندئذ لا يصدق على غير صاحب تلک النفس ، وهذا هو الذي کان محل کلام واعتراض بعض المحققين والباحثين في المسألة ، من أنّ هذا المعاد معاد خيالي لا جسماني کما يدعيه صدرالمتألهين ، وأن مجرد الاصطلاح لا يحل المشکلة ـ وهو کون الجسم بنظر الفيلسوف هو صورة الشيء وهويته ـ ما لم يکن جسماً عنصرياً بدنياً مادياً کما هو عليه في الدنيا ، وکيفما کان فإن صدرالمتألهين لم يکن له رأي واحد في المسألة ، إلاّ إذا قلنا إن مراده هو ما دوّنه في آخر حياته ، وعندئذ يکون مراده هو ما جاء في کتاب المظاهر الإلهية ، ولکن يبقى شيء وهو هل ما جاء به من الأصول والمقدمات يکون دليلاً عقلياً على المعاد الجسماني أم لا ؟
خلاصة الکلام
إن مسألة المعاد الجسماني بتلک الکيفية المطروحة في القرآن الکريم التي بلغت إلى درجة لا تقبل التأويل ، حتى من قبل صدرالمتألهين الذي انتهج نهجاً خاصاً في بحثها ، الذي کان الظاهر منه خلاف ما طرحه القرآن الکريم ، فقال في ذلک : ( فعلم مما ذکر أنّ وجود الجنّة والنار ، وسائر أحوال الآخرة ، على الوجه الذي يفهمه الجمهور والعوام ، ويصل إليه إفهام الأنام ، حق مطابق للواقع ، يجب الاعتقاد به
ــــــــــــــــ
١. الأسفار ، ج ٩ ، ص ١٩٧.