وقد احمرّت عيناه من البكاء ، فتوجّه إلىٰ جثمان الصدّيقة فتولّىٰ غسلها بنفسه (١) ، وقيل : أعانته أسماء بنت عميس بوصيّة من الزهراء عليهاالسلام (٢) ، وقيل : ان أمير المؤمنين عليهالسلام أمر الحسن والحسين عليهماالسلام ، يدخلان الماء (٣) ، وكانت أسماء بنت عميس تصبّ الماء عليها (٤) ، ثمّ كفّنها في سبعة أثواب وأدرجها في أكفانها وحنّطها بفاضل حنوط رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ صلّىٰ عليها وكبّر خمساً ، ودفنها في جوف الليل ، وعفّىٰ قبرها ، وَرَشَّ عليها الماء ، ثمّ جلس عند قبرها باكياً حزيناً ، فأخذ العباس بيده وانصرف به (٥).
ولم يحضر دفنها والصلاة عليها إلّا عليّ والحسنان وعمّار بن ياسر والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذرّ وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواص أصحاب الإمام عليهالسلام (٦).
ثمّ وقف الأمير ينفض يديه من تراب القبر ، وهو الثاكل المحزون ، وراح يناجي الرسول صلىاللهعليهوآله بعد أن عفّىٰ قبرها بيده ، ثمّ حوّل وجهه صوب قبره الشريف قائلاً : « السلام عليك يا رسول الله ، عني وعن ابنتك وزائرتك والبائتة الليلة ببقعتك ، والمختار لها الله سرعة اللحاق بك ، قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري ، وعفا عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي ، إلّا أنّ في
_____________
(١) علل الشرائع / الصدوق ١ : ١٨٤ / ١ ، باب ١٤٨.
(٢) السنن الكبرىٰ / البيهقي ٣ : ٣٩٦.
(٣) كشف الغمّة ٢ : ١٢٢.
(٤) تذكرة الخواص : ٣١٩.
(٥) بحار الأنوار ٧٩ : ٢٨ / ١٣.
(٦) روضة الواعظين / الفتّال النيسابوري ١ : ١٥٢.